صحة

المسح الكامل للجسم بأجهزة الرنين المغناطيسي هل هو (نعمة) أم (نقمة) أم هو مجرد ضجة اعلامية!

كشفت وكالة “أكسيوس” الأمريكية في تقرير حديث لها أن تصوير الجسم بالكامل بواسطة أجهزة الرنين المغناطيسي (MRI) بات يُشكل محور جدل واسع في الأوساط الطبية، إذ يرى البعض أنه أداة متقدمة للكشف المبكر عن الأمراض، بينما يعتبره آخرون إجراءً مبالغاً فيه قد يتسبب بضرر أكثر من النفع.

ويشير التقرير إلى أن شركات مثل “Prenuvo” و”Ezra” أصبحت تقدم هذه الفحوصات بشكل تجاري، مما جعلها خيارًا رائجًا بين البالغين المُهتمين بإطالة العُمر، بفضل دعم المؤثرين في مجال الصحة والمشاهير، إضافةً إلى تزايد الشكوك العامة تجاه النظام الطبي التقليدي.

قال الرئيس التنفيذي لشركة “Prenuvo”، أندرو لايسي، لوكالة “أكسيوس” إن الشركة أجرت نحو 50,000 فحص منذ ديسمبر الماضي، و150,000 فحصًا منذ انطلاقها في عام 2018.

وبحسب دراسة لا تزال جارية وقد عُرضت في مؤتمر تابع لجمعية أبحاث السرطان الأمريكية في أبريل/نيسان الماضي، تم اكتشاف إصابات بالسرطان لدى 2.2٪ من الأشخاص الذين خضعوا للفحص، رغم عدم ظهور أعراض عليهم.

لكن التقرير يُلفت إلى أن إكتشاف السرطان لا يعني بالضرورة أنه من النوع الخبيث أو أن الإكتشاف ساهم في إطالة عمر المريض، لا سيما وأن الدراسة ذاتها فشلت في الكشف عن حالتين من سرطان الثدي.

في هذا السياق، وصفت الدكتورة مارلين مايرز، أخصائية الأورام ومديرة برنامج الناجين في مركز “بيرلماتر” التابع لجامعة نيويورك، هذه الفحوصات بأنها “كابوس حقيقي”، مُشيرة إلى أن معظم النتائج تكون إما إيجابية كاذبة أو أورامًا حميدة.

وقالت في تصريح لـ”أكسيوس”:

“المشكلة لا تكمن فقط في المعرفة والتوتر الناتج عنها، بل في أن المريض غالبًا يبدأ علاجًا يُغيّر مجرى حياته بالكامل”.

وأضافت، بأن الفحوصات التكميلية قد تكون باهظة الثمن، وقد تتضمن تدخلات جراحية أو تعرضًا للإشعاع، مُعتبرة أن الدراسات لم تُظهر حتى الآن أي دليل على أنها تحسن من معدلات النجاة.

في المقابل، الانتظار لعقود من الزمن للحصول على بيانات كافية ليس خيارًا عمليًا، وإن حاجة المُجتمع لمثل هذه الفحوصات التي يمكنها كذلك اكتشاف تمدد الشرايين واضطرابات الأيض.

يستشهدوا ببيانات صادرة عن مركز “NORC” للأبحاث، تفيد بأن 14٪ فقط من حالات السرطان يتم إكتشافها من خلال الفحوصات التقليدية، بينما يتم اكتشاف البقية من خلال أعراض لاحقة أو خلال زيارات طبية لا علاقة لها بالسرطان.

في إحدى القصص التي ذكرها التقرير، أشارت أندريا شافر، مُستشارة تغذية في علم الأورام، إلى أنها قررت إجراء فحص “Prenuvo” كهدية لنفسها بمناسبة عيد ميلادها الرابع والأربعين، بعد أن استمعت لنصائح أحد مؤثري البودكاست المتخصصين في الصحة، ودفعت نحو 2,199 دولارًا أمريكيًا، شاملة خصمًا قدره 300 دولار.

خلال الفحص، تم إكتشاف ورم في الدماغ، تبيّن لاحقًا أنه سرطاني، وربطت أندريا شافر بين هذا الورم وفقدان حاسة الشم التي كانت تظن في البداية أنها نتيجة إصابتها (بفيروس كورونا)، وبعد أشهر قليلة، خضعت لعملية جراحية أُزيل فيها الورم بنجاح، وهي الآن تُصنف طبياً ضمن “خالية من المرض”، وقد استعادت حاسة الشم مجددًا.

يُذكر أن تكلفة الفحص الشامل للجسم قد تتراوح بين 1,000 إلى 4,500 دولار، وذلك حسب الخيارات الإضافية، مثل الفحص المُحسن الذي تقدمه “Prenuvo” ويشمل تحاليل دم.

من جانبها، توصي الدكتورة مارلين مايرز بأن يقتصر إستخدام هذه الفحوصات على المرضى الذين لديهم تأريخ عائلي مع مرض السرطان، أو تظهر لديهم أعراض واضحة، بدلًا من اللجوء إلى فحوصات شاملة عامة.

تقرير وكالة “أكسيوس” أشار إلى أن رغبة الناس في الكشف المُبكر عن الأمراض مفهومة، إلا أن “الضجة الإعلامية” المحيطة بهذه الفحوصات قد تتجاوز ما تدعمه الأدلة العلمية حتى الآن.

أقرأ المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات