فشل تطبيق نظرية المناعة السُكانية ( Herd Immunity ) ضد فيروس كورونا في إيران

هنالك محافظات في إيران تبدو فيها ( حالات الإصابة بفيروس كورونا أكثر من عدد السكان ! )، مما يعني، أن هنالك أشخاص في إيران أُصيبوا بفيروس كورونا ( مرتين )، وهو دليل على إن الإعتماد على ما يسمى ( المناعة الجماعية للسكان ضد فيروس كورونا )، لايكفي للسيطرة على الفيروس، وفقاً لتحليل موقع ( ديلي بيست )

هذه التجربة ( التي تبدو فاشلة بسبب الإصابات المستمرة ) التي أعتمدتها الحكومة الإيرانية، ترسل خبراً سيئاً بالنسبة لسكان إيران البالغ عددهم ( ٨٤ مليون نسمة ).
يَعتقد الخُبراء، أن السكان في إيران معرضون للعدوى مرة أخرى بفيروس كورونا، بسبب نسبة التطعيم المتدنية ( جرعتين )، وإعتماد السلطات الصحية الإيرانية كثيرًا على ( الأجسام المضادة الطبيعية الضعيفة )، من العدوى السابقة لفيروس كورونا، لحماية الناس.
نسبة التطعيم للسكان في إيران ( جرعة واحدة لـ ٥٥,٥٠٠,٣٠٠ شخص )، ( جرعتان لـ ٤١,٥٠٦,١٧١ ) و ( جرعة ثالثة لـ ٣٩٣,٨٦٥ شخص )، بحسب بيانات وزارة الصحة الإيرانية ليوم ١١ تشرين الثاني / نوڤمبر ٢٠٢١.
نسبة التطعيم الكامل ( جرعتان ) وصلت لـ ( تقريباً ٤٩ ٪ ) من مجمل عدد السكان الكلي، و ( تقريباً ٦٥ ٪ ) من السكان المؤهلين للحصول على جرعات مضادة لفيروس كورونا.

( الوفيات اليومية، الإصابات اليومية، الحالات الحرجة، الفحوصات، التلقيحات …)

إذا كانت الأجسام المُضادة الطبيعية، من إصابة سابقة بفيروس كورونا، لا تمنع العدوى مرة أخرى في إيران، فلا يوجد سبب للإعتقاد بأنها ( ستنجح ) في أماكن أخرى من العالم، التي لم يتم تلقيحها بشكل جيد.
قالت سيندي پرينز Cindy Prins، عالمة الأوبئة بجامعة فلوريدا في الولايات المتحدة، لصحيفة ديلي بيست: يجب أن نشعر بالقلق.
من الصعب تحديد مدى سوء وضع حالات فيروس كورونا في إيران !
يؤكد الخُبراء أن الإحصائيات الرسمية من الحكومة ( الإستبدادية ) في إيران، غير كاملة، في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال ، تم التلاعب بها.
رسميًا، الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا في إيران وصلت لـ ( ١٢٧,٨٠٩ ) شخص، منذ إكتشاف الحالة الأولى بالإصابة بفيروس كورونا في البلاد في شباط / فبراير ٢٠٢٠ ( في مدينة قم وأماكن أخرى من إيران )، ولغاية ١١ تشرين الثاني / نوڤمبر ٢٠٢١.
هذا يعني ( وفاة ١٥٢ شخص لكل ١٠٠,٠٠٠ شخص )
المعدل الرسمي للوفيات في الولايات المتحدة ( ٢٣٠ شخص لكل ١٠٠,٠٠٠ شخص ).

قال مازيار مورادي Maziar Moradi-Lakeh ، أستاذ طب المجتمع في جامعة إيران للعلوم الطبية، لصحيفة ديلي بيست : إن الإرقام الحكومية الصادرة أقل من المؤكد تقريباً، هنالك فجوة بين الأعداد الحقيقية والرسمية.
أبلغت الحكومة الإيرانية عن وفاة ( ١,٢٨٤ شخص ) بسبب فيروس كورونا في الشهر الأول لبدء الوباء.
الأستاذ مازيار مورادي وبعض الزملاء الأخرين، حسبوا ” الوفيات الزائدة Excess Mortality “، والتي تعني ( الوفيات غير المتوقعة جراء إنتشار فيروس كورونا ) – وتوصلوا إلى ما يزعمون أنه رقم أكثر دقة للوفيات في ذلك الشهر، وهو ( ٥,١٨٠ حالة وفاة ).
كرروا الحسابات السابقة، للأشهر القليلة التي تلت الشهر الأول، ووجدوا الإرقام تم تقليلها كذلك.
بعبارة أخرى، من الممكن – على الأرجح، إذا كنتم تصدقون بنتائج البحث للأستاذ مازيار مورادي – أن العديد من الإيرانيين يموتون بسبب فيروس كورونا، أكثر مما تبلغ الحكومة عنه، ويبدو أن المسؤولين هناك، يحاولون يائسًا إخفاء الأمر لأن الفيروس يدمر البلاد.
معدل الإصابة بفيروس كورونا، مرتفع للغاية، لدرجة أنه في بعض المحافظات الإيرانية، يبدو أن هنالك حالات إصابة أكثر من عدد الأشخاص !
بحلول منتصف أيلول / سبتمبر ٢٠٢٠، كانت معدلات الإصابة في ( ١١ محافظة من أصل ٣١ ) ( أعلى من ١٠٠ ٪ )، وفقًا لتحليل أجراه ماهان غفاري Mahan Ghafari، الذي يبحث في تطور الفيروس في جامعة أكسفورد، وبعض من زملائهِ.
من الواضح لماذا قد تتجاوز العدوى عدد السكان في مجتمع معين.
قال أرييل كارلينسكي Ariel Karlinsky، الباحث في الجامعة العبرية في القدس الذي يدرس معدل الوفيات العالمي، لموقع ديلي بيست The Daily Beast: الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا، في وقت ما خلال بداية أو منتصف الوباء، يصابون بالعدوى مرة أخرى.
التطعيم، أو عدمه، هو جزء مهم من لغز عودة العدوى بفيروس كورونا.
سكان إيران غير محصنين بشكل كافٍ، مقارنة بالعديد من الدول الصناعية الكبرى الأخرى.
رسميًا، في إيران، تم تطعيم تقريباً ( ٤٩ ٪ ) من السكان بشكل كامل ( جرعتين )، مقارنة بـ ( ٥٨ ٪ ) في الولايات المتحدة، و ( ٦٩ ٪ ) في فرنسا و ( ٨٣ ٪ ) في سنغافورة.
( ** في سنغافورة مع هذه النسبة العالية من التلقيح، ونسبة أكبر من ١٤ ٪ جرعات مُعززة، لكن إزدادت الإصابات بشكل كبير، بسبب سلالة دلتا شديدة العدوى ).
لكن، نسبة التطعيم الرسمية في إيران، مُضللة، تمامًا مثل عدد الوفيات الرسمي بسبب فيروس كورونا.
لأسباب سياسية، أستخدمت السلطات الصحية في إيران اللقاحات الأقل فعالية في العالم.
حظر رجال الدين الكبار في إيران إستخدام اللقاحات الغربية المنشأ ( فايزر، مودرنا، جونسون وجونسون وأسترازنكا ).
( ** في الحقيقة أستخدمت إيران لقاح أسترازنكا المُصنع في كوريا الجنوبية ، الهند ومرفق كوفاكس COVAX التابع لمنظمة الصحة العالمية WHO ، بعد تراجع رجال الدين عن الحظر بالنسبة للقاح أسترازنكا ).
حَظرْ رجال الدين الكبار، لم يكن مُتعلقًا بفعالية اللقاحات الغربية، ولكن كان لدوافع سياسية.
بدلاً من اللقاحات الغربية، أستوردت إيران اللقاحات من دول أكثر إنسجامًا مع سياستها الخارجية ( المارقة Rogue foreign policy )، وهي روسيا والصين.
المشكلة هي أن لقاح سبوتنك ڤي – الخامس Sputnik V الروسي، لم يتم التأكد من بياناته العلمية بدقة.
( ** تعاني روسيا حالياً من أسوأ موجة وفيات بسبب فيروس كورونا )
لقاح ( سينوڤاك Sinovac الصيني ) أقل فعالية من اللقاحات الغربية الرائدة.
( ** الحكومة الإيرانية تستخدم لقاح سينوفارم الصيني Sinopharm، القليل الفعالية، تعاني الصين كذلك من تسجيل إصابات يومية مقلقة للسلطات الصحية الصينية التي تتمسك بإستراتيجية عدم السماح بأي إصابات ).
تعمل الحكومة الإيرانية على تطوير لقاحات خاصة بها، لكنها تخلت مؤخرًا عن أحدها بسبب نقص الطلبات.
قال هادي قائمي Hadi Ghaemi، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك ، لصحيفة ديلي بيست: كانت إستجابة الحكومة الإيرانية كارثية.
قامت الحكومة الإيرانية بإعطاء ما يقرب من ( ٩٧.٥ مليون جرعة من اللقاحات ) للسكان، ولكن الحماية من الفيروس، الناتجة، مُتقطعة، بسبب الكفاءة الرديئة للقاحات المستخدمة.
قال الإستاذ مازيار مورادي لموقع ديلي بيست : يمكنني القول إن الناس في إيران قد قبلوا العلامات التجارية للقاحات المتاحة حاليًا كخيار أفضل، مقارنة بعدم التطعيم، على الرغم من أنها ليست مثالية.
إذا أُصيب الإيرانيون مرة أخرى بمعدلات عالية بفيروس كورونا، بسبب قلة التطعيم، فهل أن بعض البلدان الأخرى، التي لديها نفس الظروف في مأزق ؟
قالت سيندي پرينز لموقع ديلي بيست : ضُعف المناعة هو مصدر قلق في الدول ذات التغطية المنخفضة لعمليات التطعيم.
من الواضح بشكل متزايد أن الأجسام المضادة الطبيعية الناتجة عن الإصابة السابقة بفيروس كورونا SARS-CoV-2 ، تتلاشى بعد حوالي ستة أشهر.
على النقيض من ذلك، فإن أفضل اللقاحات تعطي مناعة لفترة أطول.
قال إلياس صيور Elias Sayour، أستاذ جراحة الأعصاب وطب الأطفال بجامعة فلوريدا، ومدير مبادرة العلاج المناعي لسرطان الأطفال في المدرسة، لموقع ديلي بيست The Daily Beast: المناعة طويلة الأمد من العدوى الطبيعية أدنى من التطعيم.
يمكن لضعف الأجسام المضادة الطبيعية أن تبدد الآمال في أن المجتمعات قد تحقق ” المناعة الجماعية / المجتمعية / السكانية ” على مستوى بلد معين، ضد فيروس كورونا، من خلال مزيج من العدوى السابقة بفيروس كورونا و معدل متوسط من التلقيحات.
قال إلياس صيور: يبدو من غير المحتمل أن تتحقق المناعة السكانية ضد فيروس كورونا، في ضوء ما نعرفه عن إنتقال الفيروس والعدوى المُخترِقة للقاحات.
إذا كنت تعيش في دولة ذات معدل تطعيم مُنخفض وعدد قليل من حالات الإصابة بفيروس كورونا، فقد يكون ذلك بسبب إصابة العديد من السكان بفيروس كورونا، ربما خلال موجة الصيف الماضي من العدوى من سلالة دلتا، ولا يزال لديهم بعض الأجسام المضادة الطبيعية.
ولكن إذا كان التطعيم الكلي متأخر، مع تلاشي تلك الأجسام المضادة ضد فيروس كورونا، فقد ترتفع الحالات مرة أخرى كما حدث في إيران.
ومثلما هو الحال في إيران، قد ينتهي الأمر بكون عدد الحالات الإجمالية لإصابات فيروس كورونا، أكبر من عدد الأشخاص، بسبب إصابة بعض الأشخاص مرارًا وتكرارًا بالفيروس.
قالت سيندي پرينز : إن أزمة عودة العدوى بفيروس كورونا في إيران، تعزز فرضية حاجة الأشخاص المصابين سابقاً بفيروس كورونا، للتطعيم، حتى يتمكنوا من إطالة أمد مناعتهم ضد الفيروس.






