عسكريةسياسية

التحديات التي ستواجه حزب ألله، بعد التوصل لإتفاق مع إسرائيل

قال أربعة مسؤولين كبار لوكالة رويترز، إن حزب الله، مع تناثر جثث مقاتليه في ساحة المعركة، يجب أن يدفن قتلاه ويقدم العون لأنصاره الذين تحملوا العبء الأكبر من الهجوم الإسرائيلي، كخطوات أولى على طريق طويل ومكلف للتعافي.

يَعتقد حزب الله أن عدد مقاتليه الذين قتلوا خلال 14 شهرًا من الأعمال العدائية قد يصل إلى عدة آلاف، حيث قُتل الغالبية العظمى منذ شنت إسرائيل الهجوم في أيلول/سبتمبر 2024، وفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على عمليات الحزب، تحدثوا لوكالة رويترز، مُستشهدين بتقديرات داخلية لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا.

قال أحد المصادر لوكالة رويترز، إن (الحزب) المدعوم من إيران ربما فقد ما يصل إلى 4,000 شخص – وهو ما يزيد كثيرًا عن 10 أضعاف عدد القتلى في حربه التي أستمرت شهرًا مع إسرائيل في عام 2006.

حتى الآن، قالت السلطات اللبنانية إن حوالي 3,800 شخص قتلوا في الأعمال العدائية الحالية، دون التمييز بين (المقاتلين والمدنيين).

مع سريان وقف إطلاق النار يوم الأربعاء، تتضمن خارطة طريق الحزب، هي العمل على إعادة تأسيس هيكله التنظيمي بالكامل، والتحقيق في الخروقات الأمنية التي ساعدت إسرائيل على توجيه العديد من الضربات المؤلمة، ومراجعة كاملة للعام الماضي بما في ذلك أخطائه في التقليل من شأن القدرات التقنية الإسرائيلية، حسبما ذكر ثلاثة مصادر أخرى لوكالة رويترز، وهم مطلعين على تفكير الحزب.

وكالة رويترز تحدثت إلى عشرة أشخاص قدموا تفاصيل عن بعض التحديات التي يواجهها الحزب في سعيه إلى النهوض بعد الحرب.

قال (حسن فضل الله)، وهو سياسي كبير في الحزب لوكالة رويترز، إن الأولوية ستكون للناس، لإيوائهم و إزالة الأنقاض وتوديع الشهداء وفي المرحلة التالية إعادة البناء.

ركزت حملة إسرائيل إلى حد كبير على معاقل الحزب (الشيعية)، حيث تضرر مؤيدوه بشدة، ومن بين هؤلاء أشخاص ما زالوا يعالجون ضحايا الهجوم الإسرائيلي، بإستخدام أجهزة الإتصالات المَحمولة في أيلول/سبتمبر 2024.

قالت (حوراء) وهي امرأة من جنوب لبنان، و لديها أفراد من الأسرة يقاتلون في صفوف الحزب، لوكالة رويترز:

“لدي أخ أُستشهد، و صهر أصيب في هجمات أجهزة النداء، جيراني وأقاربي إما شهداء أو مصابون أو مفقودون”.

وقالت حوراء لوكالة رويترز (بقيت حوراء في قريتها حتى أضطرت إلى الفرار بسبب الهجوم الإسرائيلي في أيلول/سبتمبر 2024:

“نريد جمع شهدائنا و دفنهم… نريد إعادة بناء منازلنا”

لقد تسبب الهجوم الإسرائيلي في نزوح أكثر من مليون شخص، معظمهم من المناطق التي يسيطر عليها الحزب.

قال مسؤول لبناني كبير مطلع على تفكير الحزب، لوكالة رويترز، إن تركيز المجموعة سيكون على تأمين عودتهم وإعادة بناء منازلهم، وأضاف:

“حزب الله مثل الرجل الجريح، هل ينهض الرجل الجريح ويقاتل؟ يحتاج الجريح إلى الإعتناء بجراحه”.

توقع المسؤول الكبير، الذي تحدث لوكالة رويترز، أن يقوم الحزب بمراجعة واسعة النطاق لسياساته بعد الحرب، والتعامل مع جميع القضايا الرئيسية، منها:

1-إسرائيل، وأسلحتها

2-السياسة الداخلية للبنان، حيث كانت أسلحة الحزب لفترة طويلة نقطة صراع.

وعدت إيران، التي أسست الحزب في عام 1982، بالمساعدة في إعادة الإعمار.

يقدر البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالمساكن وحدها، في لبنان بنحو 2.8 مليار دولار، مع تدمير (99 ألف منزل جزئياً أو كلياً)

Lebanon war
صورة بواسطة الذكاء الإصطناعي

وقال المسؤول اللبناني الكبير، لوكالة رويترز:

“إن إيران لديها مجموعة متنوعة من الطرق لإيصال الأموال إلى الحزب”

قال مسؤولان لبنانيان أخران، لوكالة رويترز:

“إن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وهو حليف وثيق للحزب، يحث الشيعة اللبنانيين الأثرياء في الشتات على إرسال الأموال لمساعدة النازحين”

كما توقع المسؤولون اللبنانين، أن تأتي تبرعات كبيرة من المؤسسات الدينية الشيعية في مختلف أنحاء المنطقة.

لقد أشار الحزب إلى نيته الإحتفاظ بأسلحته، الأمر الذي حَطم آمال (خصوم الحزب في داخل لبنان) الذين توقعوا أن تؤدي الضغوط التي أحدثتها الحرب في النهاية إلى تسليم أسلحته للدولة اللبنانية.

قال مسؤولون في الحزب، إن المقاومة – والتي يُفهم على نطاق واسع أنها تعني وضعها المُسلح – ستستمر.

دخل الحزب حربا مع اسرائيل دعماً (لحليفه)، وهم حركة حماس في 8 تشرين أول/أكتوبر 2023، حيث شنّت إسرائيل هجوماً على الحركة بعد هجمات داخل الاراضي الاسرائيلية من قبل الحركة، إنطلاقا من غزة.

إسرائيل أعلنت ردها على الحزب، و أعلنت أن هدفها تأمين عودة 60 ألف شخص تم إجلاؤهم من منازلهم في الشمال، بعد حملة الإستهداف من قبل الحزب لمناطقهم.

على الرغم من الدمار الناتج عن ذلك (في داخل لبنان)، قال (حسن فضل الله/ السياسي المقرب من الحزب)، لوكالة رويترز، إن المقاومة التي أقامها مقاتلو الحزب في جنوب لبنان، و هجمات الصواريخ المُكثفة التي شنتها المجموعة قبل نهاية الصراع (*إتفاق وقف إطلاق النار/هدنة)، أظهرت أن إسرائيل فشلت.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال خطاب بعد اعلان وقف اطلاق النار، إن حملة إسرائيل أعادت الحزب عقودًا إلى الوراء، قضت على كبار قادته، دمرت معظم صواريخه، حيدت آلاف من مقاتليه، ودمرت بنيته التحتية بالقرب من الحدود الإسرائيلية (في الشمال).

قال مسؤول أمريكي كبير، لوكالة رويترز، إن الحزب ضعيف للغاية في هذه اللحظة، عسكريًا و سياسيًا.

كرر دبلوماسي غربي هذا التقييم، قائلاً إن إسرائيل لها اليد العليا، و تمكنت من أن تُملي شروط إنسحابها.

  • تتطلب شروط وقف إطلاق النار التي أتفقت عليها إسرائيل ولبنان ألا يكون للحزب وجود عسكري في منطقة بين الحدود الإسرائيلية و نهر الليطاني، الذي يلتقي بالبحر الأبيض المتوسط ​​على بعد حوالي 30 كيلومترًا (20 ميلاً) من الحدود.

لم يُعلن الحزب، الذي وافق على الإتفاق عن الكيفية التي يَعتزم بها المُساعدة في تنفيذ هذه الشروط، بما في ذلك ما إذا كان سيسلم أسلحته للقوات اللبنانية التي تنتشر في الجنوب، أو يترك الأسلحة للجنود للعثور عليها.

تشكو إسرائيل من أن الحزب، الذي له جذور عميقة في جنوب لبنان، لم ينفذ نفس الشروط عندما تم الإتفاق عليها لإنهاء حرب سابقة، في عام 2006، مثلا، و إن الحزل كان يستعد لهجوم واسع النطاق على شمال إسرائيل، لذلك حشدت عسكرياً على الحدود.

قال أندرياس كريغ Andreas Krieg، من الكلية الملكية King’s College، في لندن، لوكالة رويترز:

“إن حزب الله احتفظ بقدرات كبيرة، و إن أداء مقاتلي المشاة الأساسيين في جنوب لبنان، والهجمات الصاروخية في عمق الأراضي الإسرائيلية في الأيام الأخيرة أظهر أن الجماعة لا تزال قادرة للغاية”.

“لكن حزب الله سوف يتورط كثيرا في جهود إعادة بناء البنية الأساسية، والأهم من ذلك تأمين الأموال اللازمة للقيام بذلك”،

يقوم حزب الله بتوزيع الأموال النقدية على الأشخاص المتضررين من الأعمال العدائية منذ أن بدأت، حيث يدفع 200 دولار شهريا للمدنيين الذين بقوا في القرى الواقعة على الخطوط الأمامية، ويقدم المزيد مع إجبار الناس على الفرار من المناطق، وفقا للمستفيدين، الذين تحدثت معهم وكالة رويترز.

منذ بدء التصعيد في أيلول/سبتمبر 2024، كان الحزب يدفع حوالي 300 دولار شهريا لمساعدة الأسر النازحة.

لم تخف الجماعة الدعم العسكري و المالي الذي تحصل عليه من إيران، التي أرسلت مبالغ ضخمة من المال في عام 2006 لمساعدة المشردين والمساعدة في إعادة البناء.

يقول أنصار الحزب، إن المزيد من المساعدات سوف تأتي، وقال أحدهم، مُستشهداً بمحادثات مع مسؤول محلي في الحزب، لوكالة رويترز:

“إن المجموعة سوف تغطي إيجار عام للمشردين بالإضافة إلى تكاليف الأثاث”

في خطبة ألقاها في تشرين أول/أكتوبر 2024، قال المرشد الإيراني علي خامنئي مخاطباً الشعب اللبناني:

“سوف يتم تعويض الدمار… إن سداد الدين للجرحى والنزيف في لبنان هو واجبنا…”.

قدر البنك الدولي، في تقدير أولي، تكلفة الأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وهو مبلغ لا تستطيع الحكومة اللبنانية أن تتحمله، حيث لا تزال تعاني من عواقب الإنهيار المالي الكارثي قبل خمس سنوات.

ساعدت دول الخليج (قطر، الكويت والمملكة العربية السعودية) في دفع أموال إعادة الإعمار البالغة 5 مليارات دولار في عام 2006، وهي المرة الأخيرة التي خاض فيها الحزب وإسرائيل الحرب، ولكن لم تكن هناك أي إشارة إلى أن هذه الدول العربية مُستعدة للقيام بذلك مرة أخرى.

لقد قام الحزب بالعديد من أعمال إعادة الإعمار بعد حرب 2006، بتمويل من إيران و بإستخدام جناح البناء التابع له، وقد أشرف على المشروع (هاشم صفي الدين، أحد قادة الحزب الذي قتلته إسرائيل بعد 11 يومًا من مقتل أمين عام الحزب- حسن نصر الله)، في إشارة إلى التحديات الأكبر التي سيواجهها هذه المرة.

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات