سياسيةعسكرية

نكسات إيران المتلاحقة، ربما تؤدي بها إلى السعي للحصول على القنبلة النووية

لقد كانت النكسة تلو الأخرى بالنسبة لإيران – خسارة قادتها العسكريين و حلفائها في الضربات الإسرائيلية، و الموت والفوضى في صفوف حزب الله، وردًا على ذلك، هجوم صاروخي باليستي على إسرائيل بدا تأثيره محدودًا، و يخشى الأن المسؤولون و المحللون الأمريكيون (سابقين)، من أن الخسائر التقليدية لإيران، هي بالضبط الذي قد يؤدي إلى إندفاع نهائي نحو تطوير القنبلية النووية، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست

وفقًا لتقييم الولايات المتحدة و الأمم المتحدة، أمضت إيران سنوات في الإقتراب أكثر فأكثر من إكتساب القدرة على تطوير الأسلحة النووية منذ أنسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الإتفاق النووي الإيراني في عام 2018،

والآن، حتى في غياب التحرك نحو التسلح النووي، قد تكون إيران على إستعداد لزيادة إستخدام (وضعها النووي المُحتمل) لردع خصومها، و يبدو أن هذا يفيد القادة الإسرائيليين، وهم يفكرون في الرد على الضربات الصاروخية الإيرانية، و التي قُدرت أعدادها بحوالي 180 صاروخًا.

وقد حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعد الهجوم الإيراني الكبير، يوم الثلاثاء بالقول:

“لقد أرتكبت إيران خطأً كبيراً الليلة، وستدفع ثمنه، و إن النظام في إيران لا يفهم تصميمنا على الدفاع عن أنفسنا و الرد على أعدائنا”.

بينما كان الأمر مذهلاً بالنسبة للضربات الصاروخية الإيرانية، من (الناحية البصرية) ــ حيث تم عرض مقاطع فيديو لصواريخ إيرانية تضيء سماء العاصمة الإسرائيلية- تل أبيب، بشكل متكرر على التلفزيون الحكومي الإيراني لأيام ــ فإن الصواريخ التي نجحت في اختراق دفاعات إسرائيل لا يبدو أنها تسببت في الأضرار الجسيمة التي قصدتها إيران.

قال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أثناء إمامته لصلاة الجمعة في العاصمة الإيرانية طهران، لأول مرة منذ 5 سنوات:

“إن الهجوم كان إستثنائياً، قانونياً و شرعياً”

لكن، تصريحاته كانت ذات نبرة قاتمة، حيث أعترف بالخسائر الأخيرة، التي أوقعتها إسرائيل بقادته، وقادة حلفاء له، خصوصا الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي أشاد به (مرشد إيران)، بإعتباره “أخاً” و “جوهرة لبنان اللامعة”.

و تعهد مرشد إيران، بأن دعم إيران للمقاومة ثابت، حيث دعا حلفاء بلاده، إلى شد حزام الدفاع، و إن إيران لن تتوانى و لن تتعجل في القيام بواجبها.

و مع ذلك، تعرض موقف إيران الدفاعي لعدد من الضربات على مدار العام الماضي، حيث شنت إسرائيل حربًا على حماس في غزة، وشنت ضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن، أوقعت خسائر مادية وبالأرواح في صفوف الحوثين، و ضيقت مؤخرًا تركيزها على حزب الله في لبنان.

تشكل المجموعات الثلاث (حماس، حزب ألله و الحوثيين)، إلى جانب الميليشيات في العراق و سوريا، ما يسمى بـ”محور المقاومة” المدعوم من إيران، و هي عبارة عن شبكة فضفاضة من المجموعات المُتحالفة التي أنشئت جزئيًا لعزل إيران عن التهديدات الإقليمية، والتعرض لها بشكل مباشر.

قال ديفيد أولبرايت David Albright، خبير الأسلحة النووية، و رئيس معهد العلوم و الأمن الدولي – Institute for Science and International Security – ISIS، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، واشنطن، لصحيفة واشنطن بوست:

“إذا لم يكن مُحور المقاومة ناجحاً فيما طُلب منه، فقد يكون الرادع الوحيد بالنسبة لإيران، هو الرادع النووي، و إن إضعاف حماس و حزب الله، إلى جانب فشل إيران في إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل بضرباتها الصاروخية، يعني أن هناك فرصة أفضل لأن تقرر إيران بناء أسلحة نووية”

كانت الخسائر التي تكبدتها إيران بسبب ما حصل لحزب الله، على يد إسرائيل، كانت مُدمرة بشكل خاص.

قال سينا ​​آزودي Sina Azodi، الخبير في شؤون إيران و المحاضر في جامعة جورج واشنطن، لصحيفة واشنطن بوست:

“عندما تفكر في رقعة شطرنج، فإن حزب الله هو المَلكة بالنسبة لإيران، حيث أنه القوة الأكثر نجاحاً التي أنشأتها إيران، و أن تدهور حزب الله يجعل إيران أكثر عرضة للخطر، لأنه يمنح إسرائيل المزيد من حرية العمل في المنطقة”.

داخل إيران، كان هناك تحول مفاجئ في الخطاب حول الأسلحة النووية، في الأسابيع التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023، و غزو إسرائيل اللاحق لغزة.

في السابق، نفى القادة الإيرانيون وجود أي نية لتطوير أسلحة نووية، و لكن على مدار العام الماضي، أكد المسؤولون في الخُطب و المقابلات، أن إيران، تمتلك بالفعل كل ما تحتاجه (من تقنيات و مواد نووية) لبناء سلاح نووي، لكنها أختارت ممارسة ضبط النفس.

قال محمد إسلامي، رئيس مُنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في كانون الثاني/ يناير 2024:

“من حيث أمننا القومي، لا نريد أن نفعل ذلك، الأمر لا يتعلق بنقص القدرة”.

وصف تقرير صادر عن مكتب مدير الإستخبارات الوطنية الأمريكي في شباط/ فبراير، التهديد النووي الإيراني بعبارات أكثر صرامة مقارنة بالتقييمات السابقة.

في حين، لا يبدو أن إيران تعمل بنشاط على تطوير سلاح (نووي)، فقد صرحت إيران، منذ عام 2020 بأنها لم تعد مُقيدة بحدود الإتفاق النووي و قامت بأنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج قنبلة نووية، إذا اختارت أن تفعل ذلك، كما جاء في التقرير.

بموجب الإتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي تفاوضت عليه الولايات المتحدة و خمس قوى عالمية أخرى بالإضافة إلى الإتحاد الأوروبي، وافقت إيران على قبول قيود صارمة على برنامجها النووي، بما في ذلك القيود الصارمة على كمية اليورانيوم المُخصب التي يُمكنها إمتلاكها، فضلاً عن المراقبة الداخلية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة مراقبة نووية تابعة للأمم المتحدة، مقرها العاصمة النمساوية – فينا.

لكن، بعد إنسحاب دونالد ترامب من الإتفاق في عام 2018، تخلت إيران عن معظم قيودها و بدأت في تخصيب اليورانيوم بمعدل أسرع من أي وقت مضى، وفقًا لتقييمات الولايات المتحدة و الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أن إيران بدأت العام الماضي في تخزين شكل من أشكال اليورانيوم عالي التخصيب الذي يقترب من درجة إنتاج الأسلحة النووية (بنسبة تصل لـ 87%)، وفقًا لتقارير سرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

يؤكد المسؤولون الأمريكيون، أن إيران يمكن أن تستخدم هذه الكميات، لإنشاء ما يكفي من اليورانيوم اللازم لصنع الأسلحة النووية في غضون أيام قليلة، إذا إختارت القيام بذلك.

و قال مسؤولون و خبراء، إن إيران ستحتاج إلى وقت إضافي – بضعة أشهر أو حتى عام أو أكثر، لإتقان التقنيات اللازمة لبناء رأس حربي نووي موثوق يمكن إطلاقه بواسطة أحد صواريخها الباليستية.

58708668_israel_iran_map_624

الخطوة التالية التي يراقبها المسؤولون الأميركيون و الدبلوماسيون الإقليميون، هو كيف سيكون رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني، حيث حذر المسؤولون الإيرانيون بالفعل، من أن الرد الإسرائيلي ضد إيران، سيقابل بهجمات على البنية التحتية للطاقة، دون تحديد المكان.

وجه حلفاء إيران في العراق، تهديدات مماثلة.

3

أعرب العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين عن مخاوفهم من أن تغتنم إسرائيل الفرصة لمهاجمة منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية ردًا على الضربة الصاروخية هذا الأسبوع.

ولكن، ما إذا كانت القنابل الإسرائيلية قادرة على إختراق أعمق منشآت اليورانيوم المدفونة تحت الجبال، في إيران، غير واضحة، كما قال المسؤولون وخبراء الأسلحة لصحيفة واشنطن بوست.

قال المسؤولون و خبراء الأسلحة، لصحيفة واشنطن بوست:

إن الكثير من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب يتم تصنيعه في منشأة التخصيب فوردو، التي تم بناؤها داخل أنفاق محفورة في جبل بالقرب من مدينة قم.

fordo

قال غريغوري كوبلنتز Gregory Koblentz، الأستاذ المُشارك و خبير منع إنتشار الأسلحة النووية، في كلية شار للسياسة و الحكومة (Schar School of Policy and Government)، بجامعة جورج ماسون George Mason، لصحيفة واشنطن بوست:

“من المرجح للغاية أن يستهدف الإسرائيليون هذه المرة المنشآت النووية الإيرانية، و خاصة إذا كانوا يعتقدون أن إيران استأنفت بالفعل أعمال التسلح النووي، و إن الهجمات الإسرائيلية ضد حزب الله في الأسابيع الأخيرة كانت تهدف جزئيًا إلى تحييد قوات الصواريخ و القذائف الضخمة للمليشيا اللبنانية القوية، و التي كانت تُرى على نطاق واسع بإعتبارها ضمان لإيران، ضد أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية”.

“وبما أن حزب الله أصبح منزوع السلاح عَملياً، فإن إسرائيل لديها الآن فرصة سانحة لضرب المواقع النووية الإيرانية، فضلاً عن إنخفاض خطر الإنتقام ضد إسرائيل، من جانب حزب الله”

مع ذلك، فإن الضربة الإسرائيلية الناجحة قد تؤدي فقط إلى تأخير سباق إيران نحو إنتاج القنبلة النووية، كما يقول المسؤولون لصحيفة واشنطن بوست.

قال أحد مستشاري البيت الأبيض السابقين في مجال منع الإنتشار النووي، لصحيفة واشنطن بوست:

“إن الهجوم على منشآت التخصيب الرئيسية في إيران من شأنه أن يؤخر البرنامج، و ليس لتدميره كلياً”.

وقال المسؤول السابق، لصحيفة واشنطن بوست:

“إن مثل هذه الخطوة قد تزيد من عزيمة إيران، و قد يؤدي هذا إلى تغيير في النوايا النووية الإيرانية ــ يعني، الإنتقال من برنامج نووي سري إلى برنامج أسلحة علني، وقد يؤدي هذا ــ ومن المرجح أن يؤدي ــ إلى تصعيد إيراني”.

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات