عسكريةسياسية

هل يفتح وقف إطلاق النار في لبنان أبواب الحرب بين إسرائيل و إيران؟

إن إتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و حزب الله (في لبنان)، و الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع أبعد الشرق الأوسط من شفا حرب شاملة، و لكن الإتفاق يَحمل يمثل خطراً كبيراً، من خلال وضع إسرائيل و إيران بشكل أقرب إلى مواجهة مُباشرة أكثر خطورة، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال اليوم الخميس.

لأكثر من عام، هاجمت الميليشيات المُتحالفة مع إيران، و التي يشكل الحزب في لبنان عضوا مركزيا فيها، إسرائيل من مُختلف أنحاء الشرق الأوسط – وهو أول جُهد موحد من جانب ما يسمى (محور المقاومة) الذي تقوده إيران، لمواجهة إسرائيل.

الآن، بعد أن تدهور و تضرر الحزب، بسبب عام من الحرب مع إسرائيل، بدأت تظهر أولى علامات تفكك هذا المحور، مما ترك إيران مكشوفة، بسبب غياب القوة الضاغطة (المليشيات) ضد اسرائيل.

لقد قبل الحزب وقف إطلاق النار مع إسرائيل، دون الحصول على تنازلات لصالح حماس، وهي مجموعة مدعومة من إيران في غزة.

أما الحوثيون في اليمن، و الميليشيات الشيعية في العراق، على الرغم من كونهم لا يزالون مُتحدين في كراهيتهم لإسرائيل والولايات المتحدة، فقد خفضوا وتيرة الهجمات في الأسابيع الأخيرة.

يرى البعض في إسرائيل، أن إضعاف إيران و ميليشياتها هو لحظة يُمكن إستغلالها، وخاصة من خلال إستهداف البرنامج النووي لإيران!

بينما يُحذر آخرون من أن القيام بهذا العمل، من شأنه أن يدفع المنطقة إلى وضع أكثر إضطراباً.

قال أفنير غولوف Avner Golov، المُدير السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، لصحيفة وول ستريت جورنال:

“لا يمكن أن تكون الظروف أفضل من الأن، للقيام بحملة إسرائيلية أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني، و السؤال هو ما إذا كان هذا الطريق الصحيح بإستخدام القوة العسكرية”.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء، إن وقف إطلاق النار في لبنان من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالتركيز على منع إيران من إمتلاك أسلحة نووية، التي تنظر إليها إسرائيل باعتبارها تهديداً وجودياً، ووصف القيام بذلك بأنه أولوية قصوى بالنسبة له.

وقال:

إن إسرائيل قضت بالفعل على الكثير من الدفاعات الجوية الإيرانية في الغارات الجوية الأخيرة

هددت إسرائيل باستخدام العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، إذا أعتقدت أن هذه هي الطريقة الوحيدة لمنعها من تطوير الأسلحة النووية، وقد ناقشت الحكومة الإسرائيلية مثل هذه العملية منذ عام 2010، وفقاً لتصريحات مسؤولين إسرائيليين سابقين.

لقد شهدت الحرب الحالية أول تبادل مباشر لإطلاق النار بين إسرائيل و إيران، بما في ذلك هجومان صاروخيان واسعا النطاق على إسرائيل، وجولتان من الغارات الجوية الإسرائيلية ضد إيران.

لقد تعهدت القيادة في إيران بالرد على الجولة الأخيرة من الغارات الجوية الإسرائيلية، و التي وقعت في أواخر تشرين أول/أكتوبر 2024.

يوئيل غوزانسكي Yoel Guzansky، وهو زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قال لصحيفة وول ستريت جورنال:

“الواضح إن الإتجاه نحو خفض التصعيد، ولكن، ما يمكن أن يقودنا نحو التصعيد هو المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران”.

قال ويليام ويشلر William Wechsler، المُدير الأول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، لصحيفة وول ستريت جورنال:

“حتى الآن، بدت المناقشات في إسرائيل حول مُهاجمة المواقع النووية الإيرانية، وكأنها مجرد كلام صارم، لأن إسرائيل تفتقر إلى (القاذفات والقنابل الخارقة للتحصينات) اللازمة لتدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، و إن الإجماع في الولايات المتحدة يقول بأن ثمن مثل هذا التصعيد قد يكون مرتفعاً للغاية”

ولكن مع تجريد إيران من دفاعاتها الجوية، وحالة الفوضى التي يعيشها الحزب في لبنان، و حركة حماس في غزة، أعتقد أن إحتمالات توجيه ضربات إلى البرنامج النووي الإيراني أعلى بكثير مما كانت عليه في الماضي”.

تنتشر المنشآت النووية الإيرانية في مختلف أنحاء البلاد، وبعضها محصنة في أعماق الأرض، مما يجعل أي محاولة من جانب إسرائيل لتدميرها تحديًا عسكريًا قد يضع المنطقة مرة أخرى على شفا صراع أوسع نطاقًا.

nat

كما أن قادة إيران عالقون في مأزق!

قال أفنير غولوف Avner Golov، المُدير السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، لصحيفة وول ستريت جورنال، (الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس منظمة مايند MIND الاستشارية للأمن القومي):

إن تسليح برنامج إيران النووي قد يخلق الردع الذي فقدته، بسبب تدهور حالة حلفائها، ولكنه من شأنه أن يدعو إلى هجمات (* من قبل اسرائيل)”

يقول المحللون، إن الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، الذي قال إنه يريد إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، قد يكون مُنفتحًا لعملية عسكرية (لمرة واحدة ضد إيران).

لقد خططت إيران لإغتيال دونالد ترامب، بعد أوامره بقتل الجنرال في الحرس الثوري، وقائدة قوة القدس، قاسم سليماني في عام 2020، في العراق.

في الوقت نفسه، قال أفنير غولوف، لصحيفة وول ستريت جورنال، إن إسرائيل ستكون في مأزق إذا فضل دونالد ترامب محاولة عقد صفقة مع إيران، حيث بدون الدعم الأمريكي، ستواجه إسرائيل صعوبة في شن حملة عسكرية فعالة ضد إيران.

لقد كان المسؤولون الإيرانيون يرسلون إشارات منذ إنتخاب دونالد ترامب بأنهم مُستعدون للمشاركة في الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي، وقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في خطاباته، إنه لا يسعى إلى الإطاحة بالقيادة الإيرانية، ولا يريد صراعا معها.

في ولايته الأولى، أنسحب دونالد ترامب من الإتفاق النووي لعام 2015، في 2018، وأعاد فرض عقوبات شديدة ضد إيران، كانت الحجة للإنسحاب من الاتفاق المبرم، أنه لم يكن صارما بما يكفي لمنع إيران من تطوير برنامج للأسلحة النووية في نهاية المطاف.

على الرغم من أن وزير الخارجية الإيراني، هدد بتطوير أسلحة نووية، في حال تمت إعادة العقوبات الأممية، بعد قرار في مجلس محافظي الوكالة الدولية، الذي طلب من إيران التعاون الفوري مع الوكالة، لغاية أذار/مارس 2025.

إن منع إعادة تسليح الحزب في لبنان هو كذلك هدف رئيسي لإسرائيل، التي زادت من هجماتها في الأشهر الأخيرة داخل سوريا، الطريق الرئيسي لتهريب الأسلحة (من إيران) إلى لبنان.

تراهن إسرائيل على أن الضغط العسكري، إلى جانب الحوافز الإقتصادية المُحتملة من دول الخليج، سوف تقنع بشار الأسد بالتخلي عن تحالفه مع إيران، وإغلاق طرق التهريب.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء:

“يجب أن يفهم الأسد أنه يلعب بالنار”.

مع تقلص قوة الحزب في لبنان، أصبحت إسرائيل حرة في التركيز بشكل أكبر على حماس في غزة، و إن هذا يمثل طريقاً نحو خفض التصعيد السريع، ولكنه يمنح إسرائيل كذلك الحرية لتعميق سيطرتها العسكرية على القطاع، وشن حملة طويلة الأمد لمكافحة التمرد.

قالت حماس يوم الأربعاء إنها مُستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ووفقاً لمسؤولين عرب، فإن الحركة التي صنفتها الولايات المتحدة على أنها مُنظمة إرهابية تتعرض لضغوط من الوسطاء العرب لكي تكون أكثر مرونة في مطالبها نظراً لعزلتها الجديدة.

قال مسؤولون عرب، إن مصر، الوسيط الرئيسي والدولة التي تتمتع بأكبر قدر من النفوذ على حماس، أبلغت الحركة أن آمالها في توسيع الصراع و مطالبها بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة في مقابل إطلاق سراح 101 رهينة محتجزين في القطاع لم تعد واقعية، كما أبلغت مصر حماس، بأن تتوقع أن إسرائيل تحتفض بحرية نقض أي إتفاق، بشأن من يحكم القطاع بعد الحرب.

وكان فريق تفاوض مصري في إسرائيل، هذا الأسبوع، لجس الإحتمالات المُتعلقة بمستقبل غزة، ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل ليست في عجلة من أمرها للخروج من غزة.

لقد حددت الحكومة الإسرائيلية أهدافها بتدمير القدرات العسكرية و الحكومية لحماس، وضمان عدم تحول قطاع غزة إلى تهديد لإسرائيل في المُستقبل.

ولكي تتمكن إسرائيل من تحقيق هذه الغاية، يقول المسؤولون الإسرائيليون، إن الجيش سوف يحتاج إلى قضاء سنوات داخل غزة في مُحاربة تمرد حماس لضمان عدم عودة المجموعة إلى السلطة.

قال آفي ديختر Avi Dichter، وزير الزراعة الإسرائيلي، وعضو مجلس الوزراء الأمني، لصحيفة وول ستريت جورنال:

“نحن لسنا في نهاية البداية، ولكننا بالتأكيد لسنا في بداية النهاية، لأن لدينا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به”.

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات