حشد الدعم من قبل إدارة جو بايدن ضد بلدان أوبك + هو سابقة سيئة !

طلبت إدارة جو بايدن من منظمة ( أوبك + )، ضخ المزيد من ( النفط ) للسيطرة على الأسعار العالمية، لكن المشكلة ليس الطلب الأمريكي، ولكن البلدان ضمن هذا التجمع النفطي العالمي، ليس لديها القدرة الإضافية الكبيرة لزيادة الإنتاج بشكل أسرع، حتى لو أرادت ذلك، بحسب تحليل لوكالة رويترز.

تعمل منظمة البلدان المصدرة للبترول ( أوبك OPEC ) وحلفاؤها، المعروفون بإسم ( أوبك + )، لتزويد السوق النفطية بما يكفي، بعد فترة تضاءل في الطلب بعد إنتشار وباء فيروس كورونا على مستوى العالم، لكن، ليس بالسرعة الكافية التي تريدها الولايات المتحدة، التي تخشى من إرتفاع الأسعار بشكل كبير.
قاومت المنظمة وحلفاءها، التي تضم روسيا، الضغوط، من أجل زيادة الإنتاج بشكل أسرع، وتمسكت بخطتها لزيادة الإنتاج تدريجياً بمقدار ( ٤٠٠,٠٠٠ برميل/ يوميًا )، لكل شهر منذ أب / أغسطس ٢٠٢١، قائلة : إنها تخشى أن تؤدي الزيادة الأسرع في المعروض من النفط الخام إلى تُخمة في ٢٠٢٢.
مع ذلك، حتى لو أرادت ( أوبك + ) زيادة الإنتاج بالسرعة المطلوبة، لا يمكنها ذلك.
بحسب وكالة الطاقة الدولية، كان إنتاج ( أوبك + ) أقل بمقدار ( ٧٠٠,٠٠٠ برميل / يوميًا )، عن المُخطط له في شهري أيلول / سبتمبر و تشرين أول / أكتوبر، مما رفع إحتمالية شح في المعروض من النفط الخام وإرتفاع أسعار النفط لفترة أطول.
في الماضي، كان من المتوقع أن يتجاوز مُنتجي النفط في المنظمة في إفريقيا وحتى بعض أكبر منتجي المنظمة في الخليج العربي، الحصص التي حددتها أوبك، عندما كانوا بأشد الحاجة للعوائد المالية، عادة تحدث عندما تكون أسعار النفط مُنخفضة.
لكن تراجع الإستثمار من أجل زيادة الإنتاج النفطي، بسبب إنتشار فيروس كورونا، حيث تعطلت الحركة بشكل كبير، وإنخفاض الطلب على النفط بشكل كبير والضغط على شركات النفط الكبرى للتحول نحو الطاقة النظيفة، لا سيما في دول أوبك الأفقر، يعني : أن ثلاثة أعضاء فقط في ( أوبك )، وهم المملكة العربية السعودية ، الإمارات العربية المتحدة والعراق – لديهم القدرة الإضافية المتاحة لزيادة الإمدادات بسرعة نسبية.
كتبت شركة إنريجي أسبكتس Energy Aspects، الإستشارية في مذكرة: تدعم البيانات الأخيرة التوقعات، بأن عددًا متزايدًا من الأعضاء في المنظمة تنتهي الطاقة الإنتاجية الفائضة لديهم.
في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضغطت الولايات المتحدة على ( أوبك + ) لخفض الإنتاج في ٢٠٢٠، عندما تراجعت الأسعار بفعل الوباء، والتي هددت بكارثة لأسعار النفط الأمريكية.
أتفقت المجموعة على تَخفيضات كبيرة جداً في الإنتاج ( بنحو ١٠ ملايين برميل يومياً )، أو ما يعادل ( ١٠ ٪ ) من الإمدادات العالمية.
مع أنتعاش الطلب بشكل أسرع مما توقعه الكثيرون، ضغطت إدارة الرئيس جو بايدن مرارًا على ( أوبك + )، لضخ المزيد، خوفًا من إرتفاع أسعار النفط الخام – حيث أرتفع خام برنت بأكثر من ٥٠ ٪ حتى الآن هذا العام – و يمكن أن يؤدي إلى كبح الإنتعاش العالمي، بسبب زيادة أسعار الطاقة.

قالت شركة الإستشارات ( إنريجي أسبكتس ) : إن ( أوبك + ) لا تصغي للضغوط السياسية، لتسريع زيادة الإمدادات.
بسبب عدم قدرة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن على إقناع أعضاء ( أوبك + )، بضخ المزيد من النفط، ويواجه كذلك نسب الموافقة على أداءه ( المتدنية بشكل مُخيف للديمقراطيين في إنتخابات ٢٠٢٢ )، طلب جو بايدن من الصين، الهند، كوريا الجنوبية واليابان، إضافة لـ الولايات المتحدة نفسها، إطلاق كميات من النفط من الخَزين الإستراتيجي.
بحسب التقديرات :-
* تمتلك الولايات المتحدة خزيناً إستراتيجاً من النفط يبلغ ( ٦٠٤ مليون برميل – لغاية ١٩ تشرين الثاني / نوڤمبر ٢٠٢١ )، بعد أي قرار من الحكومة ( ** ٥٠ مليون برميل من النفط قررت الحكومة الأمريكية إطلاقها ) بسحب جزء من الإحتياطي، يحتاج الأمر لـ ( ١٣ يوم )، وبكمية ( ٤.٤ مليون برميل / يوم ) لدخول السوق الأمريكية.
* تمتلك اليابان خزيناً إستراتيجياً من النفط يبلغ ( ٣٠٢.٩٨ مليون برميل – تقديرات نهاية حزيران – ٢٠٢٠ ).
* تمتلك كوريا الجنوبية خزيناً إستراتيجياً من النفط يبلغ ( ٩٧ مليون برميل – تقديرات نهاية أب – ٢٠٢١ ).
* تمتلك الصين خزيناً إستراتيجياً من النفط يبلغ ( ٨٢٢ مليون برميل بحسب تقديرات S&P Platts ٢٠٢١ ).
* تمتلك الهند خزيناً إستراتيجياً من النفط يبلغ ( ٣٨ مليون برميل )، وستقوم بإطلاق ( ٥ مليون برميل )، خلال فترة أسبوع إلى ١٠ إيام، للشركات والمصافي المرتبطة بواسطة الأنابيب لهذا الإحتياطي الإستراتيجي.
* الحكومة البريطانية قررت إطلاق ( ١.٥ مليون برميل ) من الإحتياطي الإستراتيجي.

مع ذلك ، فإن مثل هذه الخطوة مُعقدة بسبب تفويض وكالة الطاقة الدولية IEA، ومقرها باريس، والتي تمثل الدول الصناعية، والتي تقرر بموجب قواعدها، إن إطلاق الإحتياطيات النفطية الإستراتيجية هو لمواجهة الكوارث، مثل الحروب أو الأعاصير، وليس لتصحيح أسعار السوق !
بحسب مؤسسة الإستثمار المالي ( غولدمان ساكس Goldman Sachs ): إطلاق جزء من الإحتياطي الإستراتيجي، لن يوفر سوى إصلاح قصير الأجل، وسيخلق مُخاطر صعود الأسعار بشكل واضح، بحسب توقعاتنا للأسعار في ٢٠٢٢.
” على الرغم من أن إرتفاع أسعار النفط الخام يمكن أن يُساعد في زيادة المعروض للسوق، إلا إن الإستثمار في مجال مشاريع النفط والغاز، تعوقه المخاوف البيئية، الإجتماعية والأنظمة التي تدار بها الشركات، والمخاوف بشأن ظاهرة الإحتباس الحراري، حيث تفرض البنوك رسومًا على قروض تمويل مشاريع النفط، أكثر من المشروعات الخاصة بالطاقة النظيفة “
” الضرر الذي لحق بالمستثمرين بسبب عدم تمكن من تخصيص رؤوس أموال لمُنتجي النفط على مدى السنوات السبع الماضية تفاقم الآن بسبب عدم كفاءة التخصيصات الحكومية بسبب المخاوف البيئية، الإجتماعية والنظام الذي تدار بموجبه الشركات ESG “
وفقًا لجدولها الزمني لإلغاء القيود المفروضة على الإنتاج، ( أوبك + ) قَطعت الإنتاج بمقدار ( ٣.٨ مليون برميل يوميًا )، لغاية الأول من كانون أول / ديسمبر، لكن مع عدم قدرة بعض أعضاء ( أوبك + ) على زيادة الإنتاج بشكل كافٍ، سوف يبقى مستوى الخفض أكبر من ذلك.
قالت وكالة الطاقة الدولية : إن أنغولا ونيجيريا، مسؤولة عن نحو ( ٩٠ ٪ ) من عجز إنتاج ( أوبك + )، البالغ ( ٧٣٠,٠٠٠ برميل يوميا )، في تشرين أول / أكتوبر.
تقول شركة إنريجي أسبكتس : إنها تتوقع أن ينمو إنتاج ( أوبك + ) بشكل مُطرد، مع إستمرار إرتفاع الحصص للأعضاء.
يقول خبراء الصناعة : حتى إذا قام منتجو ( أوبك + ) بتسريع وتيرة الإنتاج، فسوف تتراجع القدرة الإنتاجية الفائضة ( تزويد السوق بما يكفي من النفط الخام ) ، مما قد ينبه المُستثمرين ويرفع الأسعار، إذا لم يعد لدى العالم قدرة إضافية كافية للتعامل مع الصدمة.
قال أمين ناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، في منتدى نيكي للإدارة العالمية Nikkei Global Management Forum: الطاقة الإنتاجية الإحتياطية، التي تبلغ حاليًا ( ٣ -٤ ملايين برميل يوميًا )، توفر بعض الراحة للسوق، ومع ذلك، فإن ما يقلقنا هو أن ذلك ممكن أن يتضاءل !
تنتج السعودية الآن ما يقرب من ( ١٠ ملايين برميل يوميا )، لكنها لن تستطيع إنتاج ( أكثر من ١١ مليون برميل يوميا )، لفترة طويلة تستمر لعدة أشهر، رغم أنها تقول : إن لديها طاقة إنتاجية أكبر.
المنتجون الروس مثل شركة ( غازبروم نفت ) تقول بـ : إنها تعاني لإنتاج المزيد من النفط.
قد تساعد صناعة ( النفط الصخري ) في الولايات المتحدة – ( خصوصاً بعد زيادة الأسعار حيث يكون الإنتاج مجدٍ من الناحية الإقتصادية )، التي حولت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من مستورد صافٍ للخام إلى دولة مُصدرة للنفط، في تخفيف ضغوط الأسعار من خلال زيادة الإنتاج.
راسل هاردي Russell Hardy، رئيس شركة فيتول Vitol، أحد أكبر متداولي النفط الخام في العالم ، قال في قمة لوكالة رويترز هذا الشهر: من الواضح أن إحتمال الإرتفاع إلى ١٠٠ دولار للبرميل أمر وارد.
وأعلن البيت الأبيض اليوم الثلاثاء : أن وزارة الطاقة ستطلق ( ٥٠ مليون برميل ) من النفط من الإحتياطي النفطي، للسيطرة على أسعار البانزين المرتفعة.
وقال المسؤولون الأمريكيون : من بين ٥٠ مليون برميل التي يتم إطلاقها، سيتم إعادة ( ٣٢ مليون برميل ) إلى الاحتياطي الاستراتيجي، على مدى السنوات المقبلة، بمجرد أن تَنخفض أسعار الوقود، في محاولة لضمان بقاء الإحتياطي عند النسبة المقبولة.
أصدرت وزارة العمل الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر إحصاءات تظهر أن أسعار المستهلكين نمت أسرع بكثير مما كان متوقعا في تشرين أول / أكتوبر، وأن التَضخم السنوي قد وصل إلى أعلى مستوى له في ٣٠ عاما.
قال السيناتور ( جون باراسو John Barrasso وهو جمهوري )، العضو البارز في لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس الشيوخ، يوم الثلاثاء : إن سياسات الرئيس جو بايدن هي المسؤولة عن سبب حاجتنا الأن إلى الاستفادة من الإحتياطي الاستراتيجي.
وقال في بيان : نشهد أسعاراً أعلى لأن إدارة جو بايدن والديمقراطيين في الكونغرس يشنون حرباً على الطاقة الأمريكية، إطلاق جزء من الإحتياطي الإستراتيجي، لن يحل المشكلة.
” إستجداء أوبك وروسيا لزيادة الإنتاج وإستخدام إحتياطي النفط الإستراتيجي الآن، هي محاولات يائسة لمواجهة كارثة سببها جو بايدن، هذه البلدان ليسوا بدائل لإنتاج الطاقة الأمريكية “
وقال مندوبو ( أوبك + ) : إن طرح ملايين البراميل من النفط من مخزونات أكبر مشتري النفط من المنظمة، غير مبرر بسبب ظروف السوق الحالية، وقد تَضطر المنظمة إلى إعادة النظر في خطط إضافة المزيد من إنتاج النفط عندما يجتمعون الأسبوع المقبل.
يهدد الصراع الحالي بأكبر خلاف على مستوى العالم، والذي ربما يؤدي إلى حرب أسعار ( كما حدث بين المملكة العربية السعودية وروسيا في أوائل عام ٢٠٢٠ )، لكن هذه المرة بين الولايات المتحدة وحلفاءها، وأوبك وحلفاءها.
لا يزال الوضع في حالة تغير مستمر وقد تتغير الخطط.
وقالت هيليما كروفت Helima Croft، كبيرة إستراتيجيي السلع في RBC Capital Markets LLC ، لوكالة بلومبرغ : من المُحتمل أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى زيادة المخاطر لأسعار النفط، ويمكن أن تنتج توترات جديدة في العلاقة الثنائية بين الحكومة الأمريكية والمملكة العربية السعودية.
على الرغم من الإصدار الوشيك لقسم من الخزين الإستراتيجي للنفط في الولايات المتحدة، وبقية الدول التي وافقت على هذه الخطوة، أرتفعت الأسعار بنسبة ١ ٪ تقريبًا في بورصة نيويورك لتصل إلى ( ٧٦.٦٣ دولارًا للبرميل )، حيث توقع التجار وجود رد فعل من ( أوبك + ).
رفض التحالف لمنتجي النفط ( أوبك + )، الذي يضم ( ٢٣ دولة ) دعوات من الرئيس الأمريكي جو بايدن وآخرين في وقت سابق من هذا الشهر للإسراع بعودة الإمدادات التي توقفت خلال الوباء.
” حتى الزيادة المتواضعة في الإنتاج التي تريد المنظمة وحلفاءها طرحها للسوق، قد يتم إعادة النظر فيها الآن عندما تجتمع المجموعة الأسبوع المقبل “… مندوبي المنظمة تحدثوا لوكالة بلومبرغ.
قال جوزيف ماكمونيغل Joseph McMonigle، الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، ومقره الرياض، المملكة العربية السعودية، في بيان يوم الإثنين : أتوقع أن يحافظ وزراء الطاقة لـ ( أوبك + ) على خطتهم الحالية لإضافة المزيد من الإمدادات إلى السوق تدريجياً.
وقال، بعد إجتماع مع مسؤول بوزارة الخارجية اليابانية: مع ذلك، فإن بعض العوامل الخارجية غير المتوقعة مثل الإفراج عن الإحتياطيات الإستراتيجية أو عمليات الإغلاق الجديدة في أوروبا قد تدفع إلى إعادة تقييم ظروف السوق.
وستمثل هذه الخطوة أكبر تفريغ لمخزون النفط الخام من الإقتصادات الكبرى خارج رعاية وكالة الطاقة الدولية.
تم تنسيق الجهود العالمية السابقة للإستفادة من المخزونات – مثل إطلاق ( ٦٠ مليون برميل ) في عام ٢٠١١ في أعقاب الإضطرابات وتعطل الإمدادات في ليبيا – من قبل وكالة الطاقة الدولية، الصين ليست عضوًا فيها.
إن قرار جو بايدن حشد الدعم من الصين، الهند واليابان، والجمع بين أكبر أربعة مستهلكين في العالم، سيكون إشارة سيئة جداً للمملكة العربية السعودية، وهي أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
منذ توليه منصبه في وقت سابق من هذا العام، رفض جو بايدن التعامل مباشرة مع الحاكم الفعلي للمملكة، محمد بن سلمان، الذي ألقى باللوم فيه ( عليه ) في مقتل الصحفي والناشط جمال خاشقجي.






