صحة

دراسة جديدة: تأثير قلة شرب المياه على الحالة النفسية

يتركب حوالي 50 إلى 60 في المئة من جسم الإنسان من الماء، لذا من الطبيعي أن يكون توفير كمية كافية من الماء أمراً حاسماً لصحة الجسم

ومع ذلك، تشير الإحصاءات إلى أن معظم الناس لا يستهلكون كمية كافية من الماء.

يلعب الماء دوراً في كل عمليات الجسم تقريباً، من تنظيم درجة حرارة الجسم عبر التعرق إلى نقل العناصر الغذائية والأوكسجين إلى الخلايا، و يمكن أن يؤدي الجفاف إلى جفاف المفاصل، والإمساك، واضطراب في الأداء الطبيعي للجسم.

ضمن دراسة نشرتها (Journal of Applied Physiology)، قام باحثون بريطانيون بفحص ما إذا كان حالة الترطيب في الجسم تلعب دوراً في مستوى التوتر أم لا، حيث كان افتراضهم أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات أقل من السوائل ولديهم مستوى ترطيب منخفض في الجسم يظهرون رد فعل كورتيزول أقوى تجاه الضغوط النفسية-الاجتماعية.

شارك في هذه الدراسة رجال ونساء أصحاء ونشطون تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، و قبل بدء التجربة، سجل المشاركون كمية السوائل التي يستهلكونها من جميع المصادر – بما في ذلك الماء، الحليب، الشاي، القهوة والمشروبات الغازية والكحول – لمدة سبعة أيام.

كما طُلب منهم جمع كل بولهما بين الساعة 4 و8 مساءً في يومين مختلفين (يوم واحد في أسبوع العمل ويوم آخر في نهاية الأسبوع) في وعاء قدم لهم. أدرج الباحثون في الدراسة فقط الأشخاص الذين كان استهلاكهم منخفضاً جداً (أقل من 1.6 لتر للرجال و1.5 لتر للنساء) أو مرتفعاً جداً (أكثر من 2.9 لتر للرجال و2.5 لتر للنساء).

بعد اختيار المجموعات، ملأ المشاركون استبيانات حول التوتر والقلق والنوم، وطُلب منهم المشاركة في اختبار أداء ذهني في نهاية الدراسة.

خلال الأسبوع التالي، قدمت لهم زجاجات ذكية لمراقبة استهلاك السوائل اليومي، وفي اليومين الخامس والسادس، سلموا عينات بول جديدة، وفي اليومين السابع والثامن، ذهبوا إلى المختبر على معدة فارغة لأخذ عينات بول ودم جديدة.

في اليوم الثامن، أجري عليهم اختبار التوتر الاجتماعي (TSST)، ولم يُسمح لهم بتناول الطعام أو غسل أسنانهم أو شرب مشروبات تحتوي على الكافيين أو الكحول لمدة ساعتين قبل الاختبار.

يتكون الاختبار من ثلاث مراحل:

خمس دقائق للتحضير، خمس دقائق لمقابلة عمل وهمية، وخمس دقائق لحل مسائل رياضية ذهنية أمام مراقبين اثنين وكاميرا.

تم جمع عينات لعاب في عدة فترات زمنية قبل وبعد الاختبار لقياس مستوى الكورتيزول، كما تم مراقبة معدل ضربات القلب بشكل مستمر.

أظهرت النتائج أن مؤشرات التوتر كانت أعلى في اللعاب والبول والدم لدى الأشخاص الذين كان استهلاكهم منخفضاً، و كان الارتفاع في مستوى الكورتيزول في اللعاب لدى مجموعة الجفاف أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بمجموعة الترطيب الجيد.

كما ارتبط لون البول الأغمق قبل الاختبار – الذي يشير إلى مستوى منخفض من الماء – برد فعل كورتيزول أقوى.

وفقاً للباحثين، يمكن أن توفر هذه النتائج تفسيراً للارتباط بين الجفاف المزمن في الجسم ونتائج ضعف الصحة على المدى الطويل، حيث يشترك تنظيم الماء ونظام الاستجابة للتوتر في الجسم في مسارات فيزيولوجية مشتركة.

تُظهر هذه الدراسة الارتباط فقط، لا العلاقة السببية، لذا لا يمكن الاستنتاج بأن الجفاف يسبب مباشرة زيادة الكورتيزول أو الأمراض.

ومع ذلك، تشير النتائج إلى أن حالة الترطيب قد تؤثر على كيفية استجابة الجسم للتوتر.

الكورتيزول، الذي هو الهرمون الرئيسي للتوتر، يُفرز عند مواجهة التهديدات الحقيقية أو الذهنية، وإذا أفرز بشكل مزمن، يضر بالصحة الجسدية والنفسية.

لدى الأشخاص الذين يعانون من الجفاف، قد يسبب زيادة استهلاك الماء في البداية شعوراً بالانتفاخ، لكنه مؤقت، حيث يوصي الخبراء بحوالي 15.5 كوب ماء للرجال و11.5 كوب للنساء يومياً.

glass of water

للبدء، يمكن زيادة الاستهلاك تدريجياً؛ على سبيل المثال، شرب نصف إلى كوب واحد من الماء كل ساعة، بالإضافة إلى استهلاك الماء الكافي، هناك طرق أخرى للسيطرة على التوتر مثل التنفس العميق والمشي وقضاء الوقت في الطبيعة وممارسة الأنشطة الممتعة.

كما يمكن أن يكون استشارة معالج نفسي مفيداً إذا استمر التوتر.

تُظهر هذه الدراسة أن الأشخاص ذوي الترطيب المنخفض قد يكون لديهم مستويات أعلى من الكورتيزول عند التعرض لمواقف توترية، مما قد يؤدي إلى زيادة الالتهابات وخطر الإصابة بأمراض القلب والسكري والتهاب المفاصل والسرطان.

يُعد شرب كمية كافية من الماء، سواء كان ماءً نقياً أو ماءً منكهً بفواكه وأعشاب، أمراً مهماً للحفاظ على الصحة العامة للجسم.

المصدر: independent

أقرأ المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات