تأريخعلمية

دراسة جديدة : الموت الأسود ( لم ) يقتل ( نصف سكان أوربا ) !

في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، أنتشر نوع من البكتيريا عن طريق البراغيث والجرذان عبر آسيا و أوروبا، تسببت في حدوث حالات مميتة من الطاعون المميت، سمي بالـ “الموت الأسود” وهو أحد الأوبئة السيئة في الذاكرة التأريخية، ويقدر العديد من الخبراء أنها قتلت ما يقرب من ٥٠ مليون في أوربا، غالبية الناس في جميع أنحاء القارة، بحث جديد ( يُفند ) هذه التقديرات.

9780199937981

أولي بنديكتو Ole Benedictow – وهو مؤرخ نرويجي وأحد كبار الخبراء في مجال الطاعون، كتب في عام ٢٠٠٥ :-

البيانات موجودة ومنتشرة بشكل كبير، والتي تجعل من المحتمل أن يكون الموت الأسود إجتاح حوالي ٦٠ ٪ من سكان أوروبا

Ole-Benedictow
Ole Benedictow University of Oslo · Department of Archaeology, Conservation and History

و عندما نشر كتاب ” تأريخ الموت الأسود الكامل The Complete Black Death ” في عام ٢٠٢١، رفع هذا التقدير إلى ٦٥ ٪.

9781843832140

لكن هذه الأرقام، المستندة إلى وثائق تأريخية من ذلك الوقت، تبالغ في تقدير الخسائر الحقيقية للطاعون، وفقًا لدراسة نُشرت يوم الخميس.

من خلال تحليل الرواسب القديمة من حبوب اللقاح كعلامات للنشاط الزراعي، وجد باحثون من ألمانيا:-

إن الموت الأسود تسبب في خليط من الدمار، لقد عانت بعض مناطق أوروبا بالفعل من خسائر فادحة، لكن مناطق أخرى ظلت مستقرة، بل وأزدهر بعضها

قال آدم إيزديبسكي Adam Izdebski، وهو مؤرخ بيئي في معهد ماكس بلانك لعلوم تأريخ البشرية Max Planck Institute for the Science of Human History في Jena في ألمانيا، ومؤلف الدراسة.

Dr . Adam Izdebski
Dr . Adam Izdebski

لا يمكننا بعد الآن أن نقول إنه قتل نصف أوروبا

في القرن الرابع عشر، عمل معظم الأوروبيين في المزارع، الأمر الذي تطلب مكثفًا العمل لإنتاج المحاصيل.

إذا مات نصف الأوروبيين بين عامي ١٣٤٧ و ١٣٥٢، لكان النشاط الزراعي قد أنخفض بشدة.

قال الدكتور أدم إيزديبسكي:-

نصف القوى العاملة تختفي على الفور !

لا يمكنكم الحفاظ على نفس المستوى من إستخدام الأراضي، لن يتمكنوا من الإستمرار في العديد من المجالات “.

إن فقدان نصف السكان كان سيحول العديد من المزارع إلى وضع عدم الزراعة ( الأرض متوفرة، لكن لايتم زرعها ).

بدون ما يكفي من الرعاة لرعي الماشية، تصبح المراعي متضخمة.

الشجيرات والأشجار – صغيرة إلى متوسطة، تستبدل في النهاية بالغابات الكبيرة.

إذا كان الموت الأسود قد تسبب بالفعل في مثل هذا التحول، فقد أستنتج الدكتور أدم إيزديبسكي وزملاؤه بأن ذلك المفروض يمكن رؤيته في أنواع حبوب اللقاح التي نجت من العصور الوسطى.

كل عام، تطلق النباتات كميات هائلة من حبوب اللقاح في الهواء، وينتهي الأمر ببعضها في قاع البحيرات والأراضي الرطبة ( الأهوار )، مدفونة في الوحل، يمكن للحبوب أن تعيش في بعض الأحيان لقرون.

لمعرفة ما أحتفظت به حبوب اللقاح عن ( الطاعون الأسود)، الدكتور أدم إيزديبسكي وزملاؤه أختاروا ٢٦١ موقعًا عبر أوروبا – من أيرلندا وإسبانيا في الغرب إلى اليونان و ليتوانيا في الشرق – والتي كانت تحتوي على حبوب محفوظة من حوالي ١٢٥٠ إلى ١٤٥٠.

في بعض المناطق، مثل اليونان ووسط إيطاليا، وجد في حبوب اللقاح قصة للدمار الذي حل بأوربا بسبب الموت الأسود.

تضاءلت حبوب اللقاح من المحاصيل مثل القمح، الهندباء والزهور الأخرى في المراعي تلاشت

ظهرت أشجار سريعة النمو مثل خشب البتولا، تليها أشجار بطيئة النمو مثل السنديان.

لكن هذا لم يكن هو القاعدة في جميع أنحاء أوروبا.

في الواقع، ٧ فقط من أصل ٢١ منطقة خضعت لدراسة الباحثين حصل فيها تحول كارثي.

في أماكن أخرى، سجلت حبوب اللقاح تغيير طفيف جدا.

في الواقع، تحولت المناظر الطبيعية في مناطق مثل أيرلندا ووسط إسبانيا وليتوانيا بالإتجاه المعاكس.

أصبحت حبوب اللقاح من الغابات الناضجة أكثر ندرة، بينما أصبحت حبوب اللقاح في المراعي والأراضي الزراعية أكثر شيوعًا.

في بعض الحالات، أنحرفت منطقتان متجاورتان في إتجاهات مختلفة ، حيث تشير حبوب اللقاح إلى تحول إحداهما إلى غابة، بينما تحولت الأخرى إلى مزارع.

على الرغم من أن هذه النتائج تشير إلى أن الموت الأسود لم يكن كارثيًا، مثل ما حاجج الكثيرين- المؤرخون أبرزهم، مع ذلك لم يقدموا في الدراسة الجديدة رقمًا جديدًا لحصيلة الوباء.

قال تيموثي نيوفيلد Timothy Newfield، مؤرخ الأمراض في جامعة جورج تاون وأحد الأساتذة المتعاونون مع الدكتور أدم إيزديبسكي:-

Newfield
Timothy Paul Albert Newfield gufaculty360.georgetown.edu

لسنا في وضع يسمح بإستنتاج معين ( ** الخوف من النقد بشكل كبير ) “.

قال بعض المؤرخين المستقلين:-

إن الدراسة الجديدة التي أُجريت على مستوى القارة أتفقت معهم في مناطق أوروبية معينة

على سبيل المثال، شارون ديويت Sharon DeWitte، وهي عالمة أحياء – تبحث في الأثار، بجامعة ساوث كارولينا:-

Dr. Sharon DeWitte, a bioarchaeologist and Associate Professor at the University of South Carolina.
Dr. Sharon DeWitte, a bioarchaeologist and Associate Professor at the University of South Carolina.

إن بقايا هيكل عظمي في لندن، أظهر خلال تلك الفترة أدلة على حصيلة متواضعة من الوباء، مما جعلها تتساءل عما إذا كان الأمر نفسه ينطبق على أجزاء أخرى من أوروبا

أن يكون لديكم شك معقول بشيء ، وأن تقدموا أدلة، شيء آخر تمامًا، هذا مثير حقًا

يمكنكم متابعة ذلك لمدة ثلاثمائة عام، كل جيل، في جوهره،
عانوا من تفشي الطاعون
“.

لكن الخبراء الآخرين لم يقتنعوا بنتائج الدراسة الجديدة.

جون أبيرث John Abe مؤلف كتاب ” الموت الأسود: تأريخ جديد للوفيات الكبيرة The Black Death: A New History of the Great Mortality “:-

john
Dr. John Aberth
https://www.facebook.com/Dr-John-Aberth-349845401697368

إن الدراسة لم تغير رأيه بأن حوالي نصف الأوروبيين في جميع أنحاء القارة توفوا

أشك في أن الطاعون يمكن أن يتجنب مناطق بأكملها من أوروبا حيث أنه دمر المناطق المجاورة

لقد كانت مترابطة للغاية، حتى خلال العصور الوسطى، عن طريق التجارة، السفر والهجرة، لهذا السبب أنا مُتشكك في أن مناطق بأكملها كان من الممكن أن تتجنب ذلك “.

تساءل الدكتور جون أبيرث، عما إذا كان تحول المنطقة إلى حبوب لقاح المحاصيل يعني ذلك بالضرورة كان عدد السكان هناك مزدهراً.

وقال :-

إن الأشخاص ربما قد قضى عليهم الموت الأسود، وحل محلهم مهاجرون يستولون على الأرض الفارغة

كان من الممكن أن تؤدي هجرة الوافدين الجدد إلى منطقة ما إلى تعويض الخسائر السكانية

أقر الدكتور أدم إزديبسكي :-

إن السكان كانوا يهاجرون إلى جميع أنحاء أوروبا، في وقت الطاعون – الموت الأسود، لكنه حاجج، بأن أعدادهم الموثقة كانت صغيرة جدًا لإستبدال نصف السكان

وأشار إلى:-

إن موجات هائلة من المهاجرين كان يجب أن تأتي من مناطق أخرى من أوروبا التي كان من المفترض أن يكون قد قضى عليها الموت الأسود !

تسأل :-

إذا كنتم بحاجة إلى دخول مئات الآلاف من الأشخاص، فمن أين يأتون إذا في كل مكان، مات نصف السكان؟

توقعت مونيكا غرين Monica Green، وهي مؤرخة مستقلة مقرها في فينيكس – الولايات المتحدة :-

Monica H. Green
Monica H. Green
https://www.americanacademy.de/person/monica-h-green

إن الموت الأسود قد سبب الوفاة بسلالتان من بكتيريا Yersinia pestis ، والتي يمكن أن تُحدث مستويات مختلفة من الدمار

التسلسل الوراثي للبكتريا Yersinia pestis، تم جمعها من القرون الوسطى.

وقالت:-

إن الهياكل العظمية تلمح إلى هذا الإحتمال

في الدراسة، لم يدرس الدكتور أدم إيزديبسكي وزملاؤه هذا الإحتمال، لكنهم أخذوا بنظر الإعتبار عددًا من العوامل الأخرى، بما في ذلك المناخ، وكثافة السكان في أجزاء مختلفة من أوروبا.

لكن لم يأخذ أي منهم في الحسبان النمط الذي وجدوه.

قال الدكتور أدم إيزديبسكي.

لا يوجد تفسير بسيط وراء ذلك، أو حتى مزيج من البساطة من عدة تفسيرات

فمن الممكن أن البيئة من الجرذان و البراغيث التي تنشر البكتيريا مختلفة من بلد إلى آخر.

قد تكون السفن التي جلبت بكتريا Yersinia pestis إلى أوروبا قد وصلت إلى بعض الموانئ في أوقات سيئة من العام لإنتشار الطاعون ولغيرها من المناطق في وقت أفضل.

العمل على الدراسة أثناء إنتشار وباء فيروس كورونا، مُختلف وينتشر في جميع أنحاء قارات له دور في إستنتاج معين، قال الدكتور أدم إيزديبسكي:-

إن هنالك دروسًا يمكن إستخلاصها من الموت الأسود في عصر فيروس كورونا

ما تم نشره في الدراسة هو أن هنالك عددًا من العوامل، وليس من السهل التنبؤ بها من البداية – أي العوامل ستكون مهمة “، في إشارة إلى كيفية إنتشار الفيروسات.

لا يمكنكم فرض آلية واحدة تعمل في كل مكان بنفس الطريقة ! “.

المصدر
المصدر
أقرأ المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات