الإستخبارات و التجسس

السلطات الفلبينية ألقت القبض على خلية تجسس صينية تصور المواقع العسكرية

أظهرت صور ومقاطع فيديو ومنشورات أطلعت عليها وكالة رويترز، أن أربعة مواطنين صينيين أتهمتهم الفلبين بالتجسس، قادوا مجموعات تابعة للحزب الشيوعي الصيني، حيث قدمت تبرعات نقدية لمدينة فلبينية ومركبات لقوتين للشرطة.

(وانغ يونغ يي Wang Yongyi، وو جونرين Wu Junren، كاي شاوهوانغ Cai Shaohuang وتشين هايتاو Chen Haitao) من بين خمسة رجال صينيين أعتقلهم محققون فلبينيون في أواخر يناير/كانون الثاني 2025، لجمعهم صور وخرائط للقوات البحرية الفلبينية بالقرب من بحر الصين الجنوبي.

قال مكتب التحقيقات الوطني في الفلبين – NBI، إن الرجال الخمسة أستخدموا طائرات بدون طيار للتجسس على البحرية الفلبينية، و أنه تم العثور على صور وخرائط لمواقع وسفن حساسة على هواتفهم.

قال مسؤول كبير في مكتب التحقيقات الوطني – NBI، لوكالة رويترز، إن الرجال مُتهمون بالتجسس، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 20 عامًا.

لم تتمكن وكالة رويترز من تحديد هوية محامي المتهمين بالتجسس أو تحديد كيف يعتزمون المرافعة عنهم، و لم يتحدثوا علنًا عن إعتقالهم ولم تتم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليهم عبر السفارة الصينية في العاصمة الفلبينية مانيلا.

وفقًا لمراجعة وكالة رويترز للمقالات والمنشورات المتعددة التي نشرتها المجموعتان وفي وسائل الإعلام الفلبينية، كان الرجال الأربعة من زعماء الجماعات المدنية التي تشرف عليها شبكة النفوذ الأجنبي للحزب الشيوعي الصيني.

قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان لوكالة رويترز، إن الصين تلزم مواطنيها بالإلتزام بالقوانين المحلية وأن الجماعات المدنية التي تشكلت تلقائيًا وأدارها المواطنون الصينيون المعنيون … ليس لها أي إنتماء بالحكومة الصينية!

قدم (وانغ يونغ يي Wang Yongyi، وو جونرين Wu Junren، كاي شاوهوانغ Cai Shaohuang) التبرعات لمدينة تارلاك وقوات الشرطة عبر الجماعات المدعومة من الصين في عام 2022، و أستمروا في إستضافة المسؤولين في الأحداث حتى عام 2024.

لم تتمكن وكالة رويترز من تحديد سبب التبرعات هذه!

تضم مدينة تارلاك في الفلبين، قواعد عسكرية رئيسية، بما في ذلك واحدة تستخدمها الفلبين والولايات المتحدة للتدريبات بالذخيرة الحية خلال التدريبات العسكرية السنوية.

لم تكن صور القواعد في المنطقة من بين المواقع التي قال مكتب التحقيقات الوطني الفلبيني، إنها عُثر عليها على أجهزة المُتهمين بالتجسس.

Tarlac

كما التقى المتهمون الخمسة المُحتجزون حاليا، بالملحق العسكري الصيني في العاصمة الفلبينية مانيلا، العقيد لي جيان تشونغ Li Jianzhong، مرة واحدة على الأقل في الأسابيع التي سبقت إعتقالهم، وفقًا لما توصلت إليه وكالة رويترز.

تُظهر الصور و مقاطع الفيديو، أن (وانغ يونغ يي Wang Yongyi، وو جونرين Wu Junren، كاي شاوهوانغ Cai Shaohuang) التقوا بالمُلحق العسكري الصيني ثلاث مرات على الأقل في عام 2024، بما في ذلك في أيار/مايو 2024، عندما أفتتح مكتب الجماعات المدنية في العاصمة الفلبينية مانيلا.

لم يتم الإبلاغ عن تفاصيل التبرعات التي قدمها المتهمون ولا عن لقاءتهم مع الملحق العسكري الصيني، و إرتباطهم بالحزب الشيوعي الصيني من قبل.

تتجاوز العلاقات التي كشفت عنها وكالة رويترز التصريحات العامة التي أدلى بها محققو الفلبين، الذين قالوا إن المتهمين تنكروا كأعضاء “غير ضارين” في منظمة شرعية.

قال مكتب التحقيقات الوطني في الفلبين، إن المتهمين أُلقي القبض عليهم بعد عمليات مطاردة شديدة!

لم يُحدد من يشتبه به مكتب التحقيقات الوطني، في أن المتهمين يعملون لصالحه.

الحكومة الصينية نفت إتهامات التجسس، ووصفت وسائل الإعلام الرسمية الصينية بأنها عبارة (تكتيكات مقصودة) لدولة تنزلق سياستها تجاه الصين إلى هاوية متهورة وغير عقلانية!

قال مكتب عمدة العاصمة الفلبينية مانيلا، الذي أستولت قوات شرطته على الدراجات النارية من المتهمين، ردا على أسئلة وكالة رويترز بأن وثيقة التبرع والدراجات النارية… تبين أنها سليمة!

لا يوجد في الفلبين قانون مُحدد لقضية التدخل الأجنبي، لكن الحكومة تعمل حاليا على صياغة قانون وسط تصاعد التوترات مع الصين، حيث يُسمح للوكالات الحكومية بتلقي التبرعات ولكن يجب موافقة الرئيس على المُساهمات من السلطات الأجنبية، وفقا للمبادئ التوجيهية.

وقد تعرضت ممارسة التبرعات لإنتقادات من قبل الأكاديميين، الذين لاحظوا، أن القادة الفلبينيين أستخدموا في بعض الأحيان مثل هذه التبرعات لطلب الرشاوى.

في ورقة بحثية شارك في كتابتها الأدميرال البحري الفلبيني المُتقاعد روميل جود أونغ، ونشرت هذا الشهر على منصة شبكة أبحاث العلوم الإجتماعية، قيل فيها إن الشركات الصينية وشبكات موالية للحكومة الصينية تعمل كـ “وسطاء مهمين” في الترويج للممارسات الحكومية الصينية، وأن الحكومات المحلية الفلبينية مُعرضة للتأثير من خلال الحوافز الإقتصادية والتبرعات.

قالت الحكومة الصينية، إن الدول بما في ذلك أستراليا التي حاولت صد التدخل الأجنبي من خلال تمرير قوانين جديدة تضر بالعلاقات الثنائية.

تشرف إدارة عمل الجبهة المُتحدة التابعة للحزب الشيوعي الصيني على عمليات التأثير التي تقوم بها الجالية الصينية، وقد وصفها الرئيس الصيني شي جين بينغ ذات يوم بأنها “سلاح سحري”.

تقول وزارة الخارجية الأميركية، إنها أخترقت (المقصود بها الجبهة المُتحدة للحزب الشيوعي الصيني) الحكومات في مختلف أنحاء العالم من خلال الدعاية والتلاعب بالجمهور والأفراد المُعرضين للخطر!

ألقت الفلبين القبض على ثمانية جواسيس صينيين على الأقل في الأسابيع الأخيرة، وقد أدى إعتقالهم إلى تأجيج التوترات بين البلدين، اللذين يشتركان في حدود بحرية ولديهما مطالبات مُتضاربة بشأن أراض في بحر الصين الجنوبي.

أصبحت الفلبين، حليفة الولايات المتحدة بموجب مُعاهدة قديمة، موقعا للصراع الجيوسياسي بين الصين والولايات المتحدة، وخاصة منذ أعاد الرئيس فرديناند ماركوس الابن البلاد إلى مدار الولايات المتحدة، بعد التحول نحو الصين في عهد الرئيس السابق.

قال دون ماكلين جيل، خبير العلاقات الدولية في جامعة دي لا سال في العاصمة الفلبينية مانيلا، لوكالة رويترز، إن الإعتقالات الأخيرة تظهر حاجة الفلبين إلى إعادة تشكيل نظرتها للأمن القومي إلى ما هو أبعد من التهديدات الأمنية التقليدية أو المألوفة!

يقود (وانغ يونغ يي Wang Yongyi، وو جونرين Wu Junren، كاي شاوهوانغ Cai Shaohuang وتشين هايتاو Chen Haitao) جمعية الفلبين الصينية لتعزيز السلام والصداقة Philippine China Association of Promotion of Peace and Friendship، وهي مجموعة مدنية تأسست في عام 2016، وفي عام 2022، شكل قادة الجمعية كيانًا ثانيًا، مجموعة متطوعي تشياوشينغ Qiaoxing Volunteer Group..

تشترك المجموعات في موقع إنترنت يعلن بشكل واضح عن إنتمائها إلى (الحزب الشيوعي الصيني)، ويشرف على كليهما إتحاد عموم الصين للصينيين العائدين من الخارج (ACFROC)، وهي هيئة يقودها الحزب الشيوعي الصيني تعمل في مجال عمل الجبهة المُتحدة، حيث تؤثر شروط الحكومة الصينية على العمليات.

الموقع لم يعد مُتاحًا بدأ من نهاية شهر شباط/فبراير 2025.

تحدث مسؤولون من إدارة عمل الجبهة المُتحدة في إجتماعات المجموعات التي تتخذ من الفلبين مقراً لها، وفقًا لموقع الإنترنت وحساب ACFROC على وسائل التواصل الإجتماعي، مع وقوع الحدث الأخير في أيار/مايو 2024.

أثار المسؤولون الفلبينيون مخاوف بشأن أنشطة الجبهة المُتحدة، حيث قال قائد الجيش الفلبيني في يوليو/تموز 2024، إن الجبهة المتحدة تدخل بلادنا ببطء وتحاول التأثير على قطاعات مُختلفة من مُجتمعنا.

قدم المتهمون المعتقلون أنفسهم علانية على أنهم يروجون للمُصالح الصينية.

في مقال على حساب وسائل التواصل الإجتماعي لفرع مُقاطعة شاندونغ التابع لـ ACFROC، نُقل عن كاي شاوهوانغ Cai Shaohuang قوله، إن مجموعة متطوعي تشياوشينغ ستتبع روح العمل لإتحاد الصينيين العائدين في الخارج، ويروج للثقافة المُمتازة للصين، ويروي القُصص الصينية بشكل جيد و يجعل مُستقبل الصداقة بين الصين والفلبين أكثر مجدًا.

عرضت المجموعات على المتهمين فرصًا للقاء مسؤولين فلبينيين بارزين.

تضمن مقال نُشر في يوليو/تموز 2022 على حساب وسائل التواصل الإجتماعي التابع لـ ACFROC في شاندونغ صورة لي وانغ وهو يُسلم شيكًا بقيمة 500 ألف بيزو فلبيني (8,600 دولار) ووصفه بأنه منحة تخفيف الفقر البلدية إلى عمدة تارلاك، وعلى مدار الأشهر التالية، واصل المتهمون بالتجسس نفس الأسلوب.

في سبتمبر/أيلول 2024، تبرع كل من (وانغ يونغ يي Wang Yongyi، وو جونرين Wu Junren، كاي شاوهوانغ Cai Shaohuang)، بعشر دراجات نارية صينية الصُنع من طراز سينسكي، تبلغ قيمتها نحو 2,500 دولار، لشرطة مدينة مانيلا.

أظهر مقطع فيديو بثته وسائل الإعلام المحلية المركبات مُزينة بشرائط حمراء بينما وقف لي وانغ مُبتسما إلى جانب عمدة العاصمة، هوني لاكونا، وصافح قائد الشرطة.

قال مكتب هوني لاكونا لوكالة رويترز، إن هذه كانت المرة الوحيدة التي التقى فيها العمدة بأي من أعضاء المجموعة.

في الشهر نفسه، قدمت مجموعة متطوعي تشياوشينغ عشر مركبات دورية لشرطة تارلاك وحكومة المدينة، وفقا لحساب شاندونغ ACFROC على وسائل التواصل الإجتماعي.

كما نشرت المجموعتان الصينيتان تفاعلات مُنتظمة مع الملحق العسكري الصيني في العاصمة الفلبينية مانيلا، و على سبيل المثال، تُظهر الصور على موقعهم على الإنترنت أربعة من الرجال يتناولون الطعام والشراب مع العقيد لي وانغ ومانويل مامبا، حاكم المُقاطعة الفلبينية المؤيد للصين، في حفل توزيع جوائز في حزيران/يونيو 2024.

قال مانويل مامبا لوكالة رويترز، إن المتهمين التقطوا صورة معه ولكن لم يكن هناك مُحادثة معهم، بقدر ما أتذكر!

بالمثل في أيار/مايو 2024، شوهد لي وانغ في صور ومقاطع فيديو نُشرت على موقع Qiaoxing على خشبة المسرح خلال حفل في مطعم راقٍ في العاصمة مانيلا للإحتفال بالذكرى السنوية للمجموعة، وفي مكان قريب، قطع نائب عمدة مانيلا جون مارفن (يول سيرفو) كروز نييتو كعكة من خمس طبقات.

قال نائب العمدة لوكالة رويترز، إنه لا يتذكر الحدث، لكنه قال إنه يلتقي بالعديد من المُنظمات الصينية كجزء من وظيفته.

بينما يتفاعل المسؤولون الدبلوماسيون المدنيون بانتظام مع المجتمع المدني، ولكن من غير المٌعتاد أن يتفاعل مٌلحق عسكري بالطريقة التي فعلها لي وانغ.

أحد آخر التقارير على موقع المجموعة هو عن حدث رأس السنة القمرية الذي أستضافته السفارة الصينية في العاصمة الفلبينية مانيلا، في يناير/كانون الثاني 2025، حيث ظهر الرجال الخمسة المُحتجزون على خشبة المسرح مع السفير و لي وانغ.

في الأسبوع التالي، تم القبض على الخمسة المتهمين بعد سفرهم إلى مفرزة بحرية في خليج أويستر، بجوار بحر الصين الجنوبي، حيث قالت السلطات إنهم كانوا يقومون بالمراقبة الجوية، بينما يتظاهرون بأنهم مُشترين للمُنتجات البحرية، ويتجولون في المدينة!

(نقلاً عن تقرير لوكالة رويترز)

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات