سياسية

هل يريد دونالد ترامب الإستيلاء على نفط فنزويلا؟

لم تكن الولايات المتحدة قط أقرب إلى صراع مسلح مع فنزويلا، إذ يرابط أسطول أمريكي مُحمّل (بالجنود) بالكامل قبالة سواحلها، ويعيش الديكتاتور نيكولاس مادورو …وعلى رأسه مكافأة قدرها 50 مليون دولار.

الأمر المثير للريبة بأنه حتى مُستشارو دونالد ترامب المُقربون ليسوا متأكدين تمامًا مما إذا كانت دبلوماسية الزوارق الحربية المُختصة بعملية مواجهة تهريب المخدرات ذات دلالات خفية لتغيير النظام داخل فنزويلا… أم عملية لمساعدة انقلاب متخفي في صورة مكافحة المخدرات!

في وقت سابق أمر الرئيس دونالد ترامب سبع سفن حربية تحمل 4,500 جندي – بما في ذلك ثلاث مُدمرات بصواريخ موجهة وغواصة هجومية واحدة على الأقل – بالتوجه إلى المياه قبالة سواحل فنزويلا.

رسميًا، هم موجودون هناك لمكافحة تهريب المخدرات، و لكن المُتحدثة باسم الحكومة الأمريكية، كارولين ليفيت أشارت إلى غموض المهمة يوم الخميس، مُشيرةً إلى أن الولايات المتحدة تعتبر نيكولاس مادورو “الزعيم …لتجار المخدرات” وليس الرئيس الشرعي لفنزويلا!

ما يقولونه في أروقة الحكومة الأمريكية بأن الأمر يتعلق بنسبة ١٠٥٪ (ارهاب) تجارة المخدرات، ولكن إذا انتهى الأمر برحيل نيكولاس مادورو عن السلطة، فلن يبكي أحد، بحسب حديث أحد المسؤوليين لموقع أكسيوس.

ولكن، مسؤول آخر في الإدارة الأمريكية كان له وجهة نظر مُختلفة، حيث قال المسؤول، في إشارة إلى العملية العسكرية الأمريكية عام ١٩٨٩ لإعتقال الرئيس البنمي مانويل نورييغا، الذي واجه – مثل نيكولاس مادورو – اتهامات أمريكية بالاتجار بالمخدرات:

“قد يكون هذا بمثابة الجزء الثاني من نورييغا، حيث طلب الرئيس (دونالد ترامب) قائمة من الخيارات، وفي النهاية، هذا قرار الرئيس بشأن ما يجب فعله تاليًا، لكن على نيكولاس مادورو أن يكون جادًا”.

عبّر مُستشار ثالث لدونالد ترامب عن الأمر بهذه الطريقة، لموقع أكسيوس:

“إن ترك مادورو في السلطة في فنزويلا أشبه بتعيين جيفري إبستين مديرًا لحضانة أطفال”.

بينما رفض مسؤولو الإدارة الأمريكية استبعاد الغزو لفنزويلا، يعتقد جميعهم تقريبًا سرًا أنه غير مُرجح.

مع ذلك، فإن نشر دونالد ترامب والذي يشمل 2,200 جندي من مُشاة البحرية، وهم فرع الجيش… الذي احيلت له مهمة مكافحة المُخدرات…. وهذا ليس بالأمر المُعتاد لهم في مجال مكافحة المخدرات!

تم الاعلان عن مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن رأس نيكولاس مادورو في 7 أغسطس/آب 2025، أي قبل يوم واحد من إصدار دونالد ترامب أمرًا للجيش بملاحقة عصابات المُخدرات في أمريكا اللاتينية.

في الماضي تم توجيه تهم الى نيكولاس مادورو أول إتهام خلال ولاية دونالد ترامب الأولى كزعيم لعصابة مخدرات تُدعى “كارتل دي لوس سولس”، والتي صنفتها وزارة الخزانة الأمريكية كجماعة إرهابية أجنبية الشهر الماضي.

على الجانب الآخر، قال نيكولاس مادورو يوم الجمعة:

“ما يهددون به ضد فنزويلا – تغيير النظام، هجوم إرهابي عسكري – غير أخلاقي وإجرامي وغير قانوني”

قبل أن يدعو المواطنين للانضمام إلى ميليشيا لصد غزو أمريكي متوقع!

وقال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، حليف نيكولاس مادورو اليساري، يوم الاثنين على منصة X بأن العصابة التي تشير لها الحكومة الامريكية في فنزويلا، غير موجودة، و إنه ذريعة واهية لليمين المُتطرف للإطاحة بالحكومات التي لا تطيعه”.

يوم الخميس، ضخّم الرئيس الكولومبي تقريرًا إعلاميًا روسيًا يتهم الولايات المتحدة بالسعي للاستيلاء على نفط فنزويلا، وأعلن أنه يعزز وجوده العسكري على طول جزء من الحدود المُشتركة بين كولومبيا وفنزويلا.

بالنسبة للنفط هو العامل الرئيسي الآخر في العلاقات الأمريكية مع فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم (ولكن من النفط الثقيل جدا)

قبل أن يصف نيكولاس مادورو بالإرهابي، خفف الرئيس دونالد ترامب بعض الضغط بالسماح باستئناف صفقة ضخ النفط بين فنزويلا وشركة شيفرون الأمريكية.

قدّم دونالد ترامب بعض المغريات المبكرة إلى نيكولاس مادورو مع وضع النفط في الإعتبار، عبر المبعوث الخاص بدونالد ترامب ريك غرينيل.

لكن، دونالد ترامب، عين ماركو روبيو، المُتشدد المُناهض لنيكولاس مادورو، وزيرًا للخارجية ومُستشارًا للأمن القومي.

قال مايكل شيفتر، الأستاذ في جامعة جورج تاون والخبير في شؤون المنطقة، لموقع أكسيوس:

“لا يسعكم إلا أن تتخيلوا مدى حيرة سكان أمريكا اللاتينية وهم يشاهدون هذه الدراما تتكشف”.

سياسة دونالد ترامب الخارجية يقودها إلى حد كبير ماركو روبيو، وهو أحد ابناء المنفيين الكوبيين المناهضين بشدة للاشتراكية في أمريكا الجنوبية.

في رؤية ماركو روبيو العالمية، يحظى نظام نيكولاس مادورو بدعم المُخابرات الكوبية، بينما تدعم فنزويلا الاقتصاد الكوبي بالنفط الرخيص.

قال آرثر إستوبينان، الذي شغل منصب رئيس موظفي النائبة إليانا روس ليهتينن، إحدى معلمات ماركو روبيو الأوائل، لموقع أكسيوس:

“هذه ليست سوى المرحلة الأولى من تطهير نصف الكرة الأرضية، فلقد كانت أمريكا اللاتينية تلعب دورًا ثانويًا في السياسة الخارجية حتى الآن”.

تأمل الإدارة الحالية الأمريكية في أن يتفاوض نيكولاس مادورو على الخروج أو يتم قتله على يد أفراد من الجيش الحريصين على تحصيل المكافأة أو تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.

في حين يَصُعب على الكثيرين تصور قوة غزو فعلية (أمريكية) لأراضي فنزويلا، يرى المسؤولون أن عمليات الاعتراض الشرسة للقوارب المُشتبه في تهريبها للمُخدرات قبالة سواحل فنزويلا أمر لا مفر منه

صرّح أحد المسؤولين لموقع أكسيوس:

“سيتم بالتأكيد ضبط أو إغراق بعض القوارب”.

الضربات الجوية واردة كذلك، حيث تكهنت مصادر بأن الأهداف قد تشمل مناطق غابات قليلة السكان حيث يُشتبه في إنتاج الكوكايين أو نشاط للعصابات، أو مصنع ذخيرة جديد روسي الصنع.

حتى أن بعض المُقربين من دونالد ترامب يعتقدون أن نيكولاس مادورو قد يُستهدف بغارة بطائرة بدون طيار، نظرًا لأنه مُشتبه به رسميًا في قضايا الإرهاب، قلّل بنفس الوقت المسؤولون الذين تحدثوا إلى موقع أكسيوس من شأن ذلك.

قابلية التغيير.

نقطة خلاف هنا، بأن دونالد ترامب أظهر (خلال قصف إيران) استعداده لاستخدام قوة مُفاجئة وحاسمة، لكن بعض حلفائه من أصحاب التوجه الأمريكي الأول يرون في قطع رأس النظام في فنزويلا… مهمةً عبثيةً خطيرة.

يُقرّ المسؤولون الأمريكيون بأن بعض توقعاتهم حول إحتمال فرار نيكولاس مادورو أو من سيخلفه هي تكهناتٌ محضة، ففي نهاية المطاف، حاول دونالد ترامب تغيير النظام هناك خلال ولايته الأولى، وفشل.

صرح مسؤول أمريكي بأن الافتراض بأن الولاء الحقيقي لنيكولاس مادورو داخل النظام ضئيل، ونستطيع التأثير عليهم، حيث أننا نعتقد بأننا نهتم كثيرًا به، ولكن في الحقيقة هناك آخرون في فنزويلا مؤهلون لإدارة البلد، أفضل منه، و نحن لا نفضل أي مرشح

قال مُستشار آخر لدونالد ترامب، لموقع أكسيوس:

“قد يكون عالقًا، لأن الكوبيين من حوله لن يسمحوا له بالمغادرة، لذلك قد يغادر في كيسٍ للجثث”.

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات