سياسية

العودة لإتفاق ٢٠١٥ النووي مع إيران أصبح أكثر صعوبة من السابق !

" مطالب إيران، الغير منطقية، مع تقدم برنامجها النووي، تجعل العودة إلى إتفاق ٢٠١٥، يبدو أكثر صعوبة مما كانت عليه عندما تولى بايدن منصبه "

اقرأ في هذا المقال
  • العودة لإتفاق ٢٠١٥ النووي مع إيران أصبح أكثر صعوبة من السابق !

بعد شهور من التوقعات بشأن تحقيق إنفراج في محادثات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني، وإن التوصل لإتفاق كان مسألة وقت، فإن فرص التوصل لإتفاق تبدو بعيدة الأن، بحسب مقال تحليلي للكاتب ( لازار بيرمان في صحيفة تايمز أوف إسرائيل )، اليوم الأثنين.

في وقت سابق من هذا الشهر، قال نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقچي، المفاوض الرئيسي في مباحثات ڤينا، إن المفاوضات بشأن العودة للإتفاق النووي، لن تُستأنف حتى يتولى الرئيس الإيراني الجديد ( إبراهيم رئيسي منصبه ) في الخامس من أب / أغسطس ٢٠٢١.

على الرغم من أن كلا الجانبين لديهما حافز كبير للعودة إلى الإتفاق، إلا أن مطالب إيران التفاوضية ( المُفرطة والغير منطقية ) والتقدم الكبير في برنامجها النووي، خلقت فجوة بين الجانبين، يبدو من الصعب بشكل متزايد التخلص منها.

علاوة على ذلك، ليس من الواضح تمامًا الآن أن ( مرشد إيران )، لا يزال يريد عودة إيران إلى الصفقة الإصلية، على الرغم من رغبة إدارة بايدن الواضحة في العودة لهذه الإتفاقية.

أجرت إيران والولايات المتحدة محادثات غير مباشرة في ڤيينا، منذ نيسان / أبريل ٢٠٢١، من أجل عودة الولايات المتحدة للإتفاقية النووية لسنة ٢٠١٥، ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب في عام ٢٠١٨، والتي دفعت إيران إلى تكثيف تخصيب اليورانيوم إلى أعلى المستويات على الإطلاق في انتهاك واضح لبنود الإتفاق، رداً على هذه العقوبات.

الإدارة الأمريكية الجديدة منفتحة بشكل كبير وأكثر حرصاً على إستعادة الإتفاق النووي.

كان جو بايدن منذ البداية صريحًا بأنه يريد العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA، أو الإتفاق النووي ٢٠١٥، ووضع قيود على هذا البرنامج، حتى يتمكن من التعامل مع مليون مشكلة أخرى تواجهه في اليوم الأول عندما تولى منصبه، سواء على المستوى الخارجي أو المحلي

جوناثان روه Jonathan Ruhe ، مدير السياسة الخارجية في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي.

حتى إن إدارة جو بايدن الحالية، أبدت إستعدادها للسماح لإيران بالوصول إلى الأصول المجمدة في الخارج ( من ضمنها أموال مجمدة في مصارف في كوريا الجنوبية، اليابان ودول أخرى )، الأمر الذي رفضته إيران ووصفته بأنه إشارات فارغة.

قال ريتشارد غولدبيرغ Richard Goldberg، كبير المستشارين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات

من الواضح أن النظام الإيراني لا يشعر بالضيق الاقتصادي كما كان في السابق “.

تم تأجيل الجولة السادسة من المحادثات في أواخر حزيران / يونيو ٢٠٢١، وبينما أعربت إدارة بايدن عن اهتمامها بالعودة إلى طاولة المفاوضات، أعرب المسؤولون الأمريكيون عن تشاؤمهم المتزايد بشأن فرص التوصل إلى إتفاق.

المعادلة واضحة للتوصل لإتفاق مع إيران : تتراجع إيران عن برنامجها النووي وفقًا للشروط المنصوص عليها بتفصيل كبير في خطة العمل الشاملة المشتركة لعام ٢٠١٥ ، بينما تتراجع الولايات المتحدة عن معظم العقوبات التي فرضها ترامب.

لكن إيران – أو على الأقل العناصر المتشددة حول مرشد إيران – تطالب بالمزيد، حيث تريد إيران إزالة جميع العقوبات، بما في ذلك تلك التي تخص الإرهاب والقضايا الأخرى غير النووية ( ** رفع التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري، إزالة العقوبات عن إبراهيم رئيسي ومسؤوليين أخرين، ورفع العقوبات عن مكتب مرشد ايران، وعن مرشد ايران وأبنه ).

كما يطالب المفاوضون الإيرانيون بضمانات بأن الولايات المتحدة لا تستطيع الانسحاب من الإتفاق مرة أخرى دون موافقة الأمم المتحدة.

من الواضح أن المطالب الإيرانية غير واقعية بشكل مطلق، حيث أن ( إتفاقًا من قبل إدارة أمريكية حالية، ليس ملزمًا لأي إدارة قادمة، كذلك من غير المعقول تمامًا – ناهيك عن عدم دستورية الموضوع – أن تمنح الولايات المتحدة دولًا مثل روسيا والصين حق النقض ( الفيتو ) على سياستها الخارجية في الأمم المتحدة !! ).

إن الإسلوب ( الغير ماهر ) الذي أتخذه فريق التفاوض الإيراني ( الحالي ) يمثل ( تناقض صارخ للأسلوب السابق للأعوام مابين ٢٠١٣ لغاية ٢٠١٥ )، والذي أدى إلى التوصل للإتفاق.


لقد قامت إيران بعمل رائع في بناء نفوذها في المحادثات السابقة التي أدت إلى إتفاق ٢٠١٥ “.

جوناثان روه Jonathan Ruhe ، مدير السياسة الخارجية في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي.

تتطلع إيران إلى بناء نفوذ هذه المرة أيضًا، بما في ذلك من ( خلال الهجمات في العراق، على القواعد التي تشمل تواجد قوات أمريكية فيها ).

حتى أن عملاء المخابرات الإيرانية خططوا لإختطاف صحفية أميركية من أصول إيرانية في بروكلين ونقلها إلى إيران.

والأهم من ذلك، أن الإيرانيين قاموا علانية بتصعيد خطوات برنامجهم النووي خارج حدود الإتفاقية لعام ٢٠١٥: في أعداد وأنواع أجهزة الطرد المركزي التي يشغلونها من أجل عمليات التخصيب، وكميات ومستويات اليورانيوم التي يقومون بتخصيبها – حتى ٦٠ ٪ – كذلك إنتاجهم لمعدن اليوارنيوم ( ** اللازم لمفاعل طهران النووي ).

قال جوناثان روه

حتى إدارة جو بايدن، والتي تريد العودة للإتفاقية بشدة، تواجه صعوبة …وتقول سنستسلم للضغوط ( ** التي ترفض العودة للإتفاق، داخل الولايات المتحدة ) “.

بدأت إيران في إلتخلي عن إلتزاماتها بشكل علني، بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة في تموز / يوليو ٢٠١٩ ، وعملت على تسريع برنامجها وتقييد الوصول إلى مواقعها النووية، بعد أن أصدر مجلس صيانة الدستور قانونًا في كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٠، يطالب حكومة ( حسن روحاني ) بالقيام بذلك إذا لم يتم رفع العقوبات.

قد تجعل التطورات الإيرانية الحالية من العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة ٢٠١٥، الأصلية، مستحيلة ، حتى لو كانت إيران مستعدة لإزالة مطالبها غير الواقعية.

قال ريتشارد غولدبرغ

هنالك سلسلة من الحقائق الجديدة حدثت، كانت إيران تفعلها في برنامجها النووي “.

تم التوصل لـ خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) – الإتفاق النووي لعام ٢٠١٥، قبل أن تطور إيران أجهزة طرد مركزي متطورة وجديدة، والتي تمكنها من التقدم بسرعة أكبر في الحصول على اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية.

علاوة على ذلك، تعمل إيران على بناء منشآتها النووية، بما في ذلك منشأة فوردو النووية تحت الأرض وموقع جديد لإنتاج أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض في نطنز.

EpXhMvsWEAMdJtp e1608289011677
Image from South Korea’s Korea Aerospace Research Institute purported to show “foundation trenches … dug for a new 50x70m structure” at Fordow, Iran, Octoboer 2020
منشأة فوردو.
08 natanz top circle2 superJumbo
Natanz nuclear facility. July 8, 2020.Credit…Maxar Technologies
منشأة نطنز

نظرًا لأن هذه المنشأت لم تكن موجودة في عام ٢٠١٥، فليس من الواضح على الإطلاق أن العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام ٢٠١٥، ستطلب تفكيكها !

على أي حال، سيكون البرنامج الإيراني أكثر تقدمًا بكثير مما تخيلته الصفقة السابقة، وسيظل الإيرانيون يمتلكون كل المعرفة التي اكتسبوها خلال العامين الماضيين.

لجعل الأمور أكثر تعقيدًا، أصبح برنامج إيران النووي أكثر غموضًا الآن مما كان عليه في عام ٢٠١٥.

في أواخر شباط / فبراير ٢٠٢١، قيدت إيران وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المواقع النووية التي كانت تراقبها كجزء من إتفاق ٢٠١٥.

وتم تمديد إتفاق مدته ثلاثة أشهر تم التوصل إليه في ٢١ شباط / فبراير ٢٠٢١، يسمح بإستمرار بعض عمليات التفتيش لمدة شهر آخر في أيار / مايو ٢٠٢١، وبموجب هذا الإتفاق، تعهدت إيران بالاحتفاظ بتسجيلات ” لبعض الأنشطة ومعدات المراقبة ” وتسليمها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية عند رفع العقوبات الأمريكية.

وفي حزيران / يونيو ٢٠٢١، قالت إيران إنها لن تسلم هذه التسجيلات للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لدينا فكرة عن مدى تقدم برنامج إيران النووي … وأن هنالك الكثير من الغموض المحيط به الآن أكثر مما كان عليه قبل بدء المحادثات

جوناثان روه

هذا الغموض يجعل التوصل إلى صفقة جديدة صعباً، دون معرفة مدى تقدم برنامج إيران- مدى أهمية مخزونات اليورانيوم المخصب وعدد أجهزة الطرد المركزي التي تعمل – لا يمكن للأمريكيين التأكد ما الذي يحاولون إقناع الإيرانيين بالتنازل عنه ؟

يثير الموقف التفاوضي الإيراني تساؤلات حول ماهية طلبات مرشد إيران …وماذا يريد بالضبط ؟

أحد الإحتمالات : هو أن الاتجاه الاستراتيجي لمرشد إيران لم يتغير، وهو يريد العودة إلى الإتفاقية، وهذا يعني أن مفاوضيه كانوا يلعبون على عامل الوقت كتكتيك تفاوضي، ويرون إلى أي مدى يمكنهم الحصول على تنازلات من إدارة بايدن.

وقال ريتشارد غولدبيرغ

ربما يقول الإيرانيون، لقد حصلنا بالفعل على رفع لهذه العقوبات من الأمريكيين، لكن نريد المزيد “.

وقال راز زيمت Raz Zimmt، الباحث في الشؤون الإيرانية في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز بحث في إسرائيل مرتبط بجامعة تل أبيب

في رأيي، ليس جو بايدن وحده من يريد وضع المحددات على البرنامج النووي الإيراني والعودة للإتفاق … ولكن أيضًا مرشد إيران ! “.

الصفقة ستساعد إيران على التعامل مع مشاكلها الاقتصادية، وتعطيها شرعية متزايدة على الساحة العالمية، وتشير للغرب إلى أن الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي أكثر اعتدالاً مما يبدو عليه الآن.

ومع ذلك، فإن هذا لا يضمن أن الإيرانيين سيوافقون في نهاية المطاف على صفقة نووية !

قال جوناثان روه

على الرغم من أن الإيرانيين لديهم الحافز لتأمين تخفيف العقوبات، يبدو أن المتشددين في إيران يجدون دائمًا صعوبة في إقناع أنفسهم بالإتفاق على أي شيء مع الأمريكيين “.

ومع ذلك، من الممكن أيضًا تصور أن مرشد إيران قرر عدم الألتزام بالعودة للإتفاقية !

قال راز زيمت

إنهم يفضلون تجاوز العقوبات من خلال دول مثل الصين، وخلق إقتصاد مقاوم “.

بحسب هذه الرواية، يفهم الإيرانيون أنه لن تكون هنالك أبدًا أي ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تعيد فرض العقوبات في المستقبل !

وأن إدارة بايدن نفسها ستضغط من أجل عقوبات أطول وأقوى في صفقة لاحقة !

وبالتالي، سيستمر مرشد إيران بالطلب من فريقه التفاوض من أجل إعطاء البرنامج الإيراني أكبر وقت ممكن للتقدم بينما يركز الغرب على المحادثات، وبالتالي يمكن لإيران إللقاء اللوم على الولايات المتحدة عندما تفشل المحادثات.

داخل إيران، أندلعت لعبة إلقاء اللوم بين ( إدارة حسن روحاني المنتهية ولايتها وفريق رئيسي القادم ).

أوضح راز زيمت

الوضع الآن هو أن الخلاف الرئيسي ليس بين إيران والقوى العالمية، بل داخل إيرانإن وزارة الخارجية الإيرانية ومحمد جواد ظريف يحاولان إملاء إرادتهما السياسية “.

كتب محمد جواد ظريف خطابًا إلى لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني في ١١ تموز / يوليو ٢٠٢١، يوضح وجهة نظره بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة والمفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة، والتنازلات التي حققوها من إدارة بايدن.




دافع خلال الرسالة عن الصفقة، وألقى باللوم على ( الحكومة العميقة Deep State )، لفشلها في الإستفادة من إمكانيات الصفقة وعدم الرد بالمثل على المحاولات الأمريكية، لإستعادة الصفقة، وإيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين.

يلقي المتشددون، بمن فيهم الحرس الثوري وحلفاؤهم، باللوم على الرئيس روحاني و وزير خارجيته محمد جواد ظريف لفشلهما في الدفاع عن المصالح الإيرانية والخطوط الحمراء التي وضعها البرلمان، وعدم الإلتزام بقانون البرلمان في كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٠، بشأن تسريع برنامج إيران النووي.

لكن في نهاية المطاف، يعود القرار إلى مرشد إيران والمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

بواسطة
بواسطة
المصدر
المصدر
أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات