تقرير وزارة الطاقة الأمريكية الجديد قد يمنع دونالد ترامب من زيادة صادرات الغاز الطبيعي المُسال
أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تقريرًا اليوم الثلاثاء، و الذي قد يجعل من الصعب على الإدارة الأمريكية القادمة توسيع صادرات الغاز الطبيعي الأمريكية – بحسب تقرير لصحيفة بوليتيكو
في حين أن التقرير الصادر عن وزارة الطاقة لم يصل إلى حد التوصية بوضع حد أقصى للصادرات الأمريكية، كما طالب المدافعون عن البيئة، فقد أوصى بأن يتخذ المنظمون خطًا أكثر تشدداً في تحديد ما إذا كانت تصاريح الغاز الكثيرة في الولايات المتحدة تفيد المصلحة الوطنية أم تعرضها للخطر.
يمكن أن تمنح هذه النصيحة مُعارضي صادرات الغاز أداة جديدة لتحدي أي تشييد لمُحطات جديدة للغاز الطبيعي المُسال والتي تسعى صناعة الطاقة إلى بنائها في عهد الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، وقد تمنح مُنتقديه أدوات قانونية جديدة لتقديم طعون تُحبط رغباته.
تعهد دونالد ترامب بزيادة إنتاج الوقود من النفط والغاز لتحقيق “هيمنة الطاقة”، بناءً على النمو الحاد الذي رفع إنتاج النفط إلى مستويات قياسية هذا العام، وجعل الولايات المتحدة المورد الرائد للغاز الطبيعي المسال في العالم، وقد تعهد بإنهاء توقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمدة عام عن إصدار تصاريح تصدير جديدة بمجرد توليه منصبه.
لكن تقرير إدارة جو بايدن، الذي أستغرق إعداده عامًا، يحذر من أن الخُطط الرامية إلى زيادة صادرات الغاز الطبيعي الأمريكي تُخاطر بدفع أسعار الطاقة المحلية إلى الارتفاع.
على الرغم من أنه من المتوقع أن تتجاهل إدارة دونالد ترامب نتائج وزارة الطاقة، قالت الجماعات البيئية ومراقبو المُستهلكين إنهم سيستخدمون محتوياته لدعم تحدياتهم القانونية لأي مشروع جديد توافق عليه إدارته.
يقول التقرير، إن الصادرات غير المُقيدة من الغاز الطبيعي المسال من شأنها أن ترفع التكاليف بالنسبة للأسرة الأمريكية المتوسطة بما يزيد عن 100 دولار سنويًا بحلول عام 2050، حيث سيأتي جزء كبير من هذه الزيادة من زيادة الأسعار المحلية للغاز الطبيعي، وارتفاع تكلفة الكهرباء المولدة من الغاز الطبيعي وارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين من الشركات المُصنعة.
تصدر الولايات المتحدة بالفعل حوالي 12% من إنتاجها الحالي من الغاز الطبيعي عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال، حيث تضاعفت الأحجام ثلاث مرات على مدى السنوات الخمس الماضية.
من المتوقع أن يتضاعف الحجم مرة أخرى بحلول عام 2030 ويتضاعف أربع مرات إذا بدأ كل مشروع سمحت به وزارة الطاقة في العمل، بحسب الدراسة.
وبالإضافة إلى ارتفاع الأسعار المُحتمل للمستهلكين، من المرجح أن تحل صادرات الغاز الجديدة محل مشاريع الطاقة المتجددة أكثر من محطات الفحم، ومن شأن الصادرات الأعلى من المستويات المسموح بها حاليًا أن تضيف بحلول عام 2050، 1.5 جيجا طن من ثاني أوكسيد الكاربون، أو ما يزيد قليلاً عن 25% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي الحالية في الولايات المتحدة.
قالت وزيرة الطاقة (جينيفر جرانولم Jennifer Granholm) للصحفيين أثناء تقديم نتائج التقرير:
“الخلاصة الرئيسية هي أن النهج المُعتاد ليس مُستدامًا ولا مستحسنًا، و سيدفع المستهلكون والمجتمعات الأمريكية و مناخنا الثمن”.
قالت لورين باركر Lauren Parker,، المحامية في مركز التنوع الاحيائي البيئي، إن نتائج التقرير يجب أن تكون كافية لإعطاء المجموعات المعارضة لزيادة الصادرات المزيد من القوة لتحدي الموافقات في المحكمة، و يمكن أن توفر النتائج مادة لدعاوى قضائية تسعى إلى منع موافقات إدارة دونالد ترامب القادمة على أي من مشاريع التصدير التي تنتظر مراجعة وزارة الطاقة.
وقالت عبر رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة بوليتيكو:
“ستستخدم وزارة الطاقة الدراسة لتحديد ما إذا كانت صادرات الغاز الطبيعي المسال في المصلحة العامة، وهو شرط قانوني بموجب قانون الغاز الطبيعي، و يجب أن تعزز هذه الدراسة الجديدة الحجج القائلة بأن أي تحليل للمصلحة العامة معيب إذا لم يوصِ برفض تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال، لأن الأضرار الناجمة عن هذه الصادرات تفوق الفوائد بوضوح”.
التقرير الذي طال انتظاره يأتي بعد توقف دام ما يقرب من عام في معالجة الإدارة (إدارة جو بايدن) للموافقات الجديدة على صادرات الغاز الطبيعي المسال، والتي ندد بها الجمهوريون والعديد من العاملين في صناعة الطاقة باعتبارها خطوة سياسية من جانب الرئيس الحالي لاسترضاء نشطاء المناخ.
قال محامٍ في الصناعة ناقش الخُطط مع أعضاء الفريق الإنتقالي لدونالد ترامب، لصحيفة بوليتيكو، إن التقرير من غير المُرجح أن يمنع دونالد ترامب من الموافقة على المشاريع الجديدة بعد وقت قصير من توليه منصبه، و فريق ترامب غير مبالٍ حقًا بهذا التقرير”.
مع ذلك، قالت وزيرة الطاقة الأمريكية الحالية جنيفير جرانولم، إن النتائج يجب أن تشكل الأساس لقرارات إدارة دونالد ترامب.
وقالت للصحفيين:
“نأمل أن يأخذوا هذه الحقائق في الاعتبار لتحديد ما إذا كانت صادرات الغاز الطبيعي المسال الإضافية تخدم حقًا المصلحة العليا للشعب الأمريكي والاقتصاد”.
ولم يتطرق المتحدث باسم فريق دونالد ترامب الانتقالي إلى الأسئلة حول ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستأخذ التقرير في الاعتبار عند تقييم ما إذا كانت ستوافق على مشاريع جديدة.
قالت المتحدثة باسم الفريق الإنتقالي لدونالد ترامب، كارولين ليفات في رسالة عبر البريد الإلكتروني، لصحيفة بوليتيكو:
“عانت الأسر من العداء خلال السنوات الأربع الماضية للطاقة الأمريكية، والتي أدت إلى أسوأ أزمة تضخم خلال هذا الجيل، و عندما يتولى منصبه، سيجعل الرئيس ترامب أمريكا مُهيمنة على الطاقة مرة أخرى، ويحمي وظائف الطاقة لدينا، ويخفض تكلفة المعيشة للأسر العاملة”.
من خلال تسليط الضوء على الحجة الاقتصادية ضد صادرات الغاز الطبيعي المسال، ربما تأمل إدارة جو بايدن في الوصول إلى أنصار دونالد ترامب برسالة اقتصادية شعبوية، حيث عندما أطلق مسؤولو إدارة جو بايدن المراجعة لأول مرة في شهر كانون الثاني/ يناير 2024، سلطوا الضوء على التأثيرات المناخية لمعالجة وحرق الغاز كواحدة من مجالات الاهتمام الرئيسية.
لكن الإدارة في تقريرها النهائي شددت على التأثيرات الاقتصادية التي قد يخلفها النمو غير المُقيد في صادرات الغاز الأمريكية على الأسعار المحلية، كما قال تايسون سلوقوم Tyson Slocum، مدير الطاقة في مجموعة المراقبة الحكومية Public Citizen.
قال خلال مقابلة له:
“فيما يتعلق بالاقتصاد، إنه أمر لا يحتاج إلى تفكير، حيث يتحدث دونالد ترامب والجمهوريون عن كيفية فوزهم في الانتخابات بسبب الناخبين المعتدلين ومنخفضي الدخل القلقين بشأن ارتفاع أسعار الطاقة، و هنا لدينا دراسة أجرتها وزارة الطاقة وراجعها المختصين وتتعمق في العناصر الاقتصادية للصادرات وتجد أن هؤلاء الناخبين هم الأكثر عرضة للأذى بسبب صادرات الغاز الطبيعي المسال.”
فيما يخص صناعة الغاز الطبيعي فأنها تستطيع إنتاج ما يكفي من الوقود لتغذية النمو الهائل في صادرات الغاز الطبيعي المسال والطفرة المتوقعة في استهلاك الكهرباء التي تدفعها مراكز البيانات الإلكترونية الجديدة، وعلى الرغم من النمو الهائل في صادرات الغاز الطبيعي المسال، ظلت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة ثابتة إلى حد ما منذ عام 2016 باستثناء ارتفاع قصير في عام 2022 وسط أزمة العرض بعد الوباء (وباء فيروس كورونا)
قال إريك إيبيرج Eric Eyberg، نائب الرئيس للاستشارات في مجال الغاز والطاقة في شركة التحليل S&P Global Commodity Insights، في تقرير كشفت عنه الشركة في نفس اليوم الذي أصدرت فيه وزارة الطاقة تقريرها الخاص:
“لقد تضاعف إنتاج الغاز في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بكمية الغاز الطبيعي المسال التي تصدرها البلاد، و لقد سمح هذا العرض الوفير لصادرات الغاز الطبيعي المسال بدعم أكثر من 270 ألف وظيفة سنويًا والمساهمة بأكثر من 400 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي حتى الآن دون أي تأثير كبير على الأسعار المحلية.”
بدأت الولايات المتحدة في تصدير كميات متواضعة من الغاز الطبيعي المسال منذ عقود من الزمان من منشأة في ألاسكا، والتي أرسلت معظم شحناتها إلى آسيا، حيث كانت اليابان وكوريا الجنوبية من كبار المستوردين، ولكن مع تقدم تقنيات تشقيق الصخور الحاوية على النفط والغاز في الولايات الأربع والأربعين، تم بناء مرافق التصدير على طول ساحل الخليج في الجنوب
كانت أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي تغادر تكساس في عهد الرئيس باراك أوباما في عام 2016، ومنذ ذلك الحين، نمت الصادرات من مليار قدم مكعب يوميًا إلى ما يقرب من 12 مليار قدم مكعب يوميًا في نهاية عام 2023، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أو حوالي 14 في المائة من إنتاج الغاز الأمريكي.
ظلت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة رخيصة نسبيًا مقارنة بالأسعار في بقية العالم، لكن العدد الهائل من مرافق التصدير التي حصلت على تصاريح التصدير ومن المقرر أن تبدأ العمل في السنوات الأربع المقبلة يمكن أن يضاعف كمية الغاز المتجهة إلى الخارج.
وافقت إدارة جو بايدن على سعة تصديرية جديدة متواضعة فقط خلال سنواتها الأربع في المنصب، وتنتظر مشاريع ضخمة جديدة، بما في ذلك توسعة مشروع CP2 لشركة Venture Global في لويزيانا ومصنع Rio Grande LNG المقترح من قبل NextDecade في تكساس، الموافقات النهائية – وكلاهما أصبح مادة سياسية دسمة، حيث عارضت الجماعات البيئية هذه المشاريع، في حين ندد بها الجمهوريون باعتبارها ضحايا للسياسة البيئية لإدارة جو بايدن.
وأشار مؤيدو الصناعة إلى دور الصادرات في المساعدة في إمداد أوروبا بالطاقة اللازمة للتدفئة للبقاء على قيد الحياة في شتاء قاسٍ بعد أن سعوا إلى تقليل اعتمادهم على الغاز الروسي وسط غزو ذلك البلد لأوكرانيا.






