
أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي بصوت مطمئن عن إحترام الصين لحركة طالبان، لكنه أرسل إشارات واضحة حول ما تريده الحكومة الصينية من حكام أفغانستان الجدد، وما الذي تقلق بشأنه.
مقال رأي بواسطة ( مايكل شوبرج Michael Shoebridge )، مدير الدفاع، الإستراتيجية والأمن القومي في برنامج معهد السياسة الإستراتيجية الإسترالي ASPI.
المقال بعنوان
What will China do in Afghanistan
” ماذا ستفعل الصين في أفغانستان ؟ “
كتب كولونيل كبير سابق في الجيش الصيني، وهو الآن أكاديمي في جامعة تسينغخوا Tsinghua المؤثرة المرتبطة بالدولة ، بفمٍ مليء بالحماسةِ في صحيفة نيويورك تايمز ألامريكية : أن الصين مستعدة لمليء الفراغ، والشراكة مع أفغانستان لتطوير البنية التحتية وإستغلال الإحتياطيات المعدنية كامتداد لمبادرة الحزام والطريق BRI للرئيس الصيني شي جن بنغ.


فلتستعد لما سيحدث بعد ذلك، بسبب المصالح الصينية والحقائق السيئة على الأرض في أفغانستان ما بعد مغادرة الولايات المتحدة.
ينهي إنسحاب جيوش الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بعد عشرين عامًا الفترة التي يمكن فيها للصين الإستفادة من المشاركة الأمريكية في أفغانستان والعمل على الهامش كناقد.
لقد رأينا وسائل الإعلام الحكومية الصينية تستخدم الفوضى وسرعة الأحداث في أفغانستان لتعزيز روايتها حول تراجع أمريكا وصعود الصين.
لكن الوجود الأمريكي المتبقي في كابل هو محدود زمنياً سوف تتفوق عليه قريباً الأحداث في أفغانستان والمناقشات الدولية الأوسع حول ما قد يفعله الآخرون.
لذا، فإن الانسحاب الأمريكي هو إلى حد كبير أخبار سيئة للحكومة الصينية، فيما يتعلق بأفغانستان وجوار الصين.
هذا صحيح على الرغم من القدر الكبير الذي تريد آلة الدعاية للحكومة الصينية القيام به الآن ( وعلى الرغم من المحاولات السخيفة في وسائل الإعلام الحكومية الصينية لمقارنة أفغانستان ببلد فاعل إقتصادياً على المستوى العالمي وديمقراطية ناجحة، وأقصد تايوان ).
ومع مغادرة الولايات المتحدة، أصبح لجيران أفغانستان الأقوياء – الصين، روسيا، إيران، باكستان والهند – الآن مصالح وأدوار مباشرة في مستقبل أفغانستان، أكثر بكثير مما كانوا عليه قبل أسابيع قليلة.
الإدارة الأمريكية تتحمل كل الإنتقادات والآلام التي صاحبت الإنسحاب الفوضوي.
بالنظر إلى هذا، لن يتحمل الرئيس جو بايدن ببساطة أعباء جديدة في أفغانستان أو عليها بينما يظل الآخرون الذين لديهم مصالح مباشرة للغاية هناك غير فاعلين.
أصبحت أفغانستان الآن مشكلة مشتركة، ولم يتم معالجتها من خلال وجود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ، مهما كان معيبًا.

بصفتهم منتقدين لقوة الولايات المتحدة، فإن الصين، روسيا وإيران ليسوا في وضع جيد للإصرار على أن الولايات المتحدة وحدها هي التي تتصدى للتحديات الإنسانية والأمنية التي من المحتمل أن تتكشف مع محاولة حركة طالبان لتولي السلطة في جميع أنحاء أفغانستان.
الجميع لديه تأريخ ومصالح في أفغانستان، ولا يوجد من بين هؤلاء من يدعي أن نيته صادقة.
إذن، ماذا تريد الصين ؟
لدى الصين مصالح أمنية مباشرة فيما يخص أعمال العنف وعدم الإستقرار التي من الممكن أن تمتد من أفغانستان إلى شينجيانغ ( غرب الصين )، والتي أذكتها الإنتهاكات الجماعية التي ترتكبها الحكومة الصينية ضد مواطنيها من الأويغور والترك، المسلمين، هناك.

بإعتبارها واحدة من أقرب الأصدقاء لنظام حركة طالبان الجديد، فإن الحكومة الصينية لديها بعض التواطؤ فيما تفعله حركة طالبان ولكن ليست لديها القدرة على السيطرة عليها – ويجب أن نتوقع مستويات شديدة للغاية من عنف حركة طالبان ، لا سيما عندما ينتهي إجلاء الرعايا الأجانب خلال الأسبوع المقبل .
تحتاج حركة طالبان إلى السيولة النقدية، لأن مليارات الدولارات من المساعدات الدولية التي تم توجيهها إلى الحكومة الأفغانية لن تتدفق ببساطة إلى حركة طالبان.
في العام الماضي، قدم المانحون الدوليون أكثر من ٥٠ ٪ من ميزانية الحكومة الأفغانية، لذا فإن فجوة الإيرادات هائلة فقط لتمويل العمليات اليومية، حتى لو كان من الممكن العثور على أشخاص لديهم المهارات والإستعداد للقيام بذلك في ظل حكم حركة طالبان.
من الصعب رؤية الحكومة الصينية تتدخل كممول جديد لحركة طالبان، وهنا تبدأ الحسابات في قياس أي توقعات كبيرة لدى حركة طالبان من الحكومة الصينية.
ستلعب الحكومة الصينية على ورقة ” عدم التدخل “، لتقليل مشاركتها في أفغانستان وتسعى إلى عزل الوضع الأفغاني إلى حد كبير حتى لايمتد إلى داخل الصين.
إلى الحد الذي تستطيع فيه حركة طالبان توفير الأمن، ستسعى الحكومة الصينية لإستغلال الثروة المعدنية في أرض أفغانستان ( ** حالياً ثروة مزعومة على الورق فقط )، ولكن يجب أن تكون لدينا توقعات مُنخفضة حول حجم هذا الجهد الذي ستبذله الحكومة الصينية.

على مدى الأشهر القليلة المقبلة، سنرى حقيقة الحكومة الصينية، عندما تتحدث عن نتائج شعارها الإقتصادي لجميع البلدان ” الربح / للصين – الربح / للبلد الذي أستثمرت فيه الصين “، كجزء من مصير إنساني مشترك، أو في الحقيقة أن الحكومة الصينية هي جهة فاعلة أكثر إستبدادية في تعاملها الإقتصادي…( ** تستدرج البلدان للوقوع في فخ الديون المتراكمة ! ).

سوف أختار الخيار الأخير: لن يكون للحزب الشيوعي الصيني أي شيء سوى علاقة تعامل صريحة وحذرة مع نظام حركة طالبان الأصولي الذي يركز على الشريعة الإسلامية على حدود الصين.
لم تنجح الولايات المتحدة في إستثمار أكثر من ٢ تريليون دولار أمريكي في أفغانستان من أجل الأمن والتنمية ( ** تقديرات مصاريف الولايات المتحدة في أفغانستان خلال فترة الـ ٢٠ سنة ماضية )
لذلك من الصعب أن نرى كيف أن إستخراج الصين لبعض من ثروة أفغانستان المعدنية التي تبلغ ( ١ تريليون دولار أمريكي )، سيخلق مستقبلاً أفضل بشكل ملحوظ، باستثناء ربما لمستفيدين معينين في الصين.
بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني – CCP ، فإن موضوع أفغانستان يتعلق بتخفيف المخاطر وتقليل الضرر، وليس فرصة رائعة، وتحتل مصالح الشعب الأفغاني ” مرتبة متدنية ” في قائمة أولويات الحكومة الصينية.
وبعيدًا عن نية الصين ونهجها، هنالك تعقيد أكبر للشراكة بين الصين وأفغانستان وهو الوضع الداخلي المتحرك لأفغانستان.
إن الفكرة القائلة بأن أفغانستان – كما ادعى الجنرال الصيني بفمٍ مليء بالتفاؤل، زو بو Zhou Bo في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، هو الفراغ، الذي يجب أن تملأه القوى العظمى الأخرى، نظراً لأن الولايات المتحدة تركته، سخيفة.
أفغانستان ليست فضاءً فارغًا وحركة طالبان تفتقر إلى القدرة على توفير الأمن أولاً، ثم تقديم الخدمات إلى ( ٤٠ مليون أفغاني )، إذا كان هذا هو قصدهم بالفعل.
لا تزال إحتياطيات أفغانستان من ( الليثيوم، النحاس والذهب ) داخل الأرض، ولم تُستخرج، بسبب تأريخ البلاد في إنعدام الأمن، وعدم وجود إطار قانوني متين، ومستويات عالية من الفساد.
لا يبدو أن أيًا من ذلك سيتحسن في ظل حكم حركة طالبان مع وجود كيانات تجارية صينية تم تحويل أموالها إلى كيانات تجارية تقدم إغراءات لقادة معينين.
والأهم من ذلك، أن أفغانستان غارقة في الأسلحة والرجال المدربين على استخدامها – كما كان العراق بعد أن أطاح التحالف الأمريكي بصدام حسين وحل الجيش العراقي.
بعض هذه الأسلحة جديدة، سلمتها الولايات المتحدة هذا العام لقوات الأمن الأفغانية كبيان دعم طويل الأجل.
ونحو ٣٠٠,٠٠٠ فرد سابق في قوات الأمن الأفغانية من ذوي المهارات، بدون وظائف ودخل، لكنهم مهددين من قبل حركة طالبان، قد يرون مستقبلاً أفضل من خلال حمل السلاح في أجزاء من البلاد يصعب على حركة طالبان السيطرة عليها.
ومما زاد الطين بلة، أن أفغانستان تظل خليطًا كثيفًا للغاية من الشبكات القبلية وغيرها.
أي تماسك شامل لحركة طالبان عبر أفغانستان كان مدفوعًا إلى حد كبير بالتركيز على العدو الأجنبي المشترك.
والآن بعد أن رحل هذا الخصم، أنتهى الأمر.
يجب أن نتوقع انقسامات وضغوطًا ستندلع داخل حركة طالبان نفسها، بإعتبار إن الجماعات المسلحة والقبلية المختلفة التي تتألف منها الحركة تحاول الإنتقال من ( القتال ضد السلطة ) إلى ( السلطة ).
والجماعات الأخرى ضمن سكان أفغانستان مهمة أيضًا.
وهذا يشمل أولئك الذين دعموا رؤية أفغانستان، حيث يتم حماية الحقوق بطرق يفهمها الأستراليون من تجربتهم الخاصة.
ويشمل أيضًا أمراء الحرب وأعضاء سابقين في قوات الأمن والحكومة الأفغانية الذين قد يستغلون الأسلحة المتاحة لإنشاء مناطق نفوذ وتعقيد أي بناء للحكم الوطني من قبل حركة طالبان في كابل.
لذا، ستعلم الحكومة الصينية أن قدرة حركة طالبان على الوفاء بوعودها مُنخفضة.
إن معادلة ( المصالح الذاتية للمعاملات الإقتصادية للحكومة الصينية ) ، و ( عيوب حركة طالبان )، و ( التصدع العنيف الذي يمكن أن نتوقعه داخل أفغانستان )، تتراكم، ولكن بطريق معاكسة فقط.
من المحتمل أن تكون النتيجة ( دوامة ) أكثر من ( فراغ )…. ( ** هنا يقصد أن الفراغ الذي تريد الصين ملئه بعد مغادرة الولايات المتحدة سوف يتحول دوامة تدمر أحلام الصين في أفغانستان، التي دعمت حركة طالبان، هي وروسيا على أمل إجهاد الولايات المتحدة لأطول فترة ممكنة في أفغانستان، بينما هم يتفرجون )
لا شيء من هذا يجعل صداقة جميلة – أو مستقبلًا سعيدًا لشعب أفغانستان – على الرغم من فرص التقاط الصور والقصص الكبيرة.
( ** ملاحظة : التعليقات، الصور ، الخرائط، الروابط الداخلية، ليست ضمن المقال الأصلي ).






