تقارير

تأثير قطع المُساعدات الأمريكية على الدول المُستفيدة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

كانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي وكالة المُساعدات الإنسانية الرئيسية لدى الولايات المتحدة، هدفًا رئيسيًا لبرنامج خفض حكومي قاده اليون ماسك (ضمن وزارة كفاءة الحكومة) منذ تولى الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب منصبه في 20 كانون الثاني/يناير 2025.

بعد ساعات من أدائه اليمين الدستورية ليصبح رئيساً للولايات المتحدة، أمر دونالد ترامب بوقف مؤقت لمدة 90 يومًا لجميع المُساعدات الخارجية الأميركية في إنتظار تقييمات الكفاءة، والاتساق مع سياسته الخارجية، و بعد أربعة أيام، في 24 كانون الثاني/يناير 2025، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية أمرًا بوقف العمل لجميع المُساعدات الخارجية القائمة وأوقفت المُساعدات الجديدة باستثناء الإعفاءات لتمويل الجيش (لإسرائيل ومصر).

في حين منحت الحكومة الأمريكية إعفاءً للمُساعدات الغذائية الطارئة وأصدرت إعفاءات لبعض المُساعدات المنقذة للحياة، فإن عدم اليقين بشأن مُعظم البرامج الأخرى قد وضع آلاف الوظائف وملايين الدولارات من مواد المساعدات في خطر.

قد يكون لآثار إيقاف المُساعدات الخارجية بشكل دائم تأثيرات عالمية، وخاصة على البلدان في أفريقيا والشرق الأوسط، و وفقًا لمنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، ساهمت الولايات المتحدة بأكبر قدر من المُساعدات الخارجية بين الدول.

لماذا تعتبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مهمة؟

يتم تقديم المُساعدات الخارجية من قبل وكالات مُختلفة تابعة للحكومة الأمريكية، حيث كانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الوكالة الرئيسية للمُساعدات الخارجية بين عامي 2014 و2024، وقد صرفت الوكالة، أو أنفقت، 314.3 مليار دولار من إجمالي 635.2 مليار دولار في هذه الفترة، و صرفت وزارة الخارجية 175 مليار دولار.

إن أغلب برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مُختلف أنحاء العالم غير عسكرية بطبيعتها، وكان ما يقرب من ثلث جميع المبالغ المدفوعة موجهة إلى برامج في قطاع الصحة، و مُساعدة المُجتمعات التي تعيش مع (فيروس نقص المناعة البشرية أو الإيدز)، وتوفير الوصول المُستدام إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، وتحسين صحة الأم والطفل من بين البرامج الرئيسية لها.

كما صرفت الوكالة مبلغًا كبيرًا لتوفير الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات للمجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية والبشرية مثل الأعاصير والزلازل والجفاف والحروب، و تذهب معظم مُساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى القضايا الصحية والإنسانية

تقدم وزارتا الخارجية والدفاع الأمريكيتان مُعظم مساعداتهما لتدابير السلام والأمن.

تلقت البرامج في قطاع السلام والأمن أكبر قدر من المُساعدة المقدمة من وزارتي الخارجية والدفاع، و يحاول برنامج عمليات الإستقرار وإصلاح قطاع الأمن، الذي كان البرنامج الأول للقطاع، تحقيق الإستقرار في المناطق المُتضررة من الصراع والمُساعدة في تحسين المؤسسات الأمنية في البلاد مثل الجيش والشرطة وأجهزة الإستخبارات.

الاعتماد على الولايات المتحدة في المساعدات الخارجية

أعتمدت ما يصل إلى 31 دولة، أغلبها في مناطق آسيا، أوقيانوسيا وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، على الولايات المتحدة في ربع مُساعداتها الخارجية الإجمالية على الأقل، و كانت جزر مارشال، ميكرونيزيا وتايلاند في آسيا وبوتسوانا وإسواتيني في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعتمد على الولايات المتحدة في أكثر من نصف مُساعداتها الخارجية.

تعتمد بعض البلدان على الولايات المتحدة في أكثر من 50٪ من مساعداتها الخارجية

تلقت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما يقرب من نصف المُساعدات التي تم صرفها لقطاع السلام والأمن، حيث كانت إسرائيل وأفغانستان ومصر من أكبر المُستفيدين، فيما يخص المساعدات العسكرية لإسرائيل ومصر فقد أعفت إدارة دونالد ترامب هذه المُساعدات من الإيقاف.

قد لا تكون منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تلقت الجزء الأكبر من المساعدات التي تم صرفها لقطاعي الصحة والمساعدات الإنسانية، محظوظة للغاية، لأنه بسبب التجميد المُفاجئ للمساعدات، توقفت برامج مكافحة الملاريا في كينيا وغانا، وقد تلقت الدولتان 434 مليون دولار و334 مليون دولار على التوالي لمكافحة المرض.

كانت منظمة الصحة العالمية قد قالت في ديسمبر/كانون الأول 2024، إن الغالبية العظمى من وفيات الملاريا في العالم والتي بلغت 597 ألف حالة في عام 2023 كانت من الأطفال الأفارقة الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات.

رغم إعفاء برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز من التجميد، فإن عدم اليقين بشأن مُستقبل البرامج تسبب في مخاوف واسعة النطاق، حيث قالت وكالة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز إن أكثر من 6 ملايين شخص قد يموتوا من المرض في السنوات الأربع المقبلة إذا تم سحب التمويل من جميع البرامج، وقد تلقت جنوب أفريقيا وكينيا وتنزانيا أكبر قدر من المُساعدات لمكافحة الإيدز.

من المُرجح أن تتأثر أوكرانيا، التي كانت تعتمد على الولايات المتحدة لإعادة بناء إقتصادها بعد حربها مع روسيا، كذلك، فقد تلقت أكثر من 28 مليار دولار كمساعدات لقطاع التنمية الإقتصادية، أي ما يقرب من 90% من إجمالي المُساعدات للقطاع التي تلقتها أوروبا وأوراسيا.

إلى جانب إسرائيل ومصر، تلقى كل من الأردن والعراق أكبر قدر من المساعدات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبينما تلقت إسرائيل والعراق ومصر أكبر قدر من المُساعدات العسكرية، أستفادت الأردن من المُساعدات في جميع القطاعات بما في ذلك التنمية الاقتصادية والصحة والتعليم الأساسي.

أشار مصرف الإستثمار جي بي مورغان إلى أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قدمت دعمًا ماليًا كبيرًا في أوكرانيا والأردن على وجه الخصوص، وسيكون تعويض الدعم المفقود للرعاية الصحية والزراعة والبنية الأساسية في تلك البلدان وأماكن أخرى أمرًا صعبًا.

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

كانت الصحة القطاع الأول للمُساعدات الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تلقت إثيوبيا، كينيا، جنوب السودان ونيجيريا أكبر قدر من المُساعدات من الولايات المتحدة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

شكلت قطاعات الصحة والمُساعدات الإنسانية أعلى معدلات صرف المُساعدات لهذه البلدان الأربعة، حيث كانت برامج الصحة الأولى هي المُساعدة لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ومعالجة الملاريا.

شكلت كينيا 9% من جميع الوفيات المُسجلة بسبب فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز في عام 2021، بينما سجلت نيجيريا 305 حالة جديدة من الملاريا لكل 1,000 شخص في عام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم.

يهدف برنامج الحماية والمساعدة والحلول، الذي كان أحد البرامج الرائدة، إلى تقديم الدعم بشأن الضروريات الأساسية في حالة الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية والبشرية، و كما يهدف إلى تحديد المخاطر وتوفير إستراتيجيات لحماية الأشخاص المعرضين لأذى محتمل.

آسيا وأوقيانوسيا

كان السلام والأمن القطاع الأول للمُساعدات الخارجية الأمريكية في منطقة آسيا وأوقيانوسيا، حيث تلقت أفغانستان 53.1 مليار دولار من الولايات المتحدة، وهو أعلى رقم لأي دولة بين عامي 2014 و2024، وتم صرف غالبية مساعداتها لبرنامج عمليات الاستقرار وإصلاح قطاع الأمن، وكما تلقت مُساعدة كبيرة لقطاع التنمية الاقتصادية وقطاع الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة.

أنخفضت مُساعدات الولايات المتحدة لأفغانستان بشكل كبير على مر السنين، حيث بين عامي 2014 و2019، صرفت 810 مليون دولار في المتوسط ​​كل عام، ومع ذلك، بعد أن قررت الولايات المتحدة وحلفاءها سحب قواتها من البلاد في أوائل عام 2020، أنخفضت مُساعداتها بشكل كبير، و بين عامي 2020 و2024، صرفت 217 مليون دولار في المتوسط ​​كل عام.

كانت باكستان وبنغلاديش والفلبين المستفيدين الرئيسيين الآخرين في المنطقة.

أوروبا والنصف الغربي من الكرة الأرضية

كانت التنمية الاقتصادية، والتي يرجع فيها إلى حد كبير إلى أوكرانيا، القطاع الأول للمُساعدات الخارجية الأمريكية في أوروبا وأوراسيا والنصف الغربي من الكرة الأرضية.

بعد أفغانستان، تلقت أوكرانيا أكبر قدر من المُساعدات الخارجية من الولايات المتحدة، ومع ذلك، على عكس أفغانستان، تلقت أوكرانيا غالبية مُساعداتها إعتبارًا من عام 2022.

NATO-Troops

قبل غزو روسيا لأراضي أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، تلقت البلاد ما يزيد قليلاً عن 4 مليارات دولار بين عامي 2014 و2021. ومع ذلك، منذ عام 2022، زاد هذا الرقم بأكثر من تسع مرات، ومنذ عام 2022، تلقت ما يقرب من 40 مليار دولار من الولايات المتحدة لجميع القطاعات، ولكن الآن مع تجميد المساعدات، تتأثر البرامج غير العسكرية بشدة حيث يعتمد الكثير منها على الولايات المتحدة في تمويلها.

البيانات لعام 2024 لغاية 19 ديسمبر 2024 من ForeignAssistance.gov.

(نقلاً عن تقرير مفصل بالمساعدات الأمريكية، خاص بوكالة رويترز)

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات