هل تُضيع إسرائيل فرصة إستهداف المنشأت النووية في إيران؟

لقد دفعت إيران ثَمناً باهظاً لبدء ضربتين بصواريخ باليستية ضد إسرائيل في شهر نيسان/أبريل و تشرين أول/أكتوبر 2024، ومع ذلك، لم يتم إستهداف برنامجها النووي قط، و تَقدم البرنامج دون أن يصاب بأذى على الرغم من تجاوزها خطاً أحمر نووياً تلو الآخر.
فهل ينظر المؤرخون إلى نهاية عام 2024، (مع إيران العاجزة عن الدفاع عن نفسها ضد هجوم عسكري أميركي و إسرائيلي) على منشأتها النووية، باعتبارها الفُرصة الضائعة الكبرى لوقف تقدمها النووي؟
منطقياً، يَنبغي لإيران أن تتعجل خلال الشهرين المُقبلين من ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن في تطوير برنامجها للتسليح النووي، بما في ذلك إستخدام النمذجة الحاسوبية (*لكيفية عمل تفجير نووي)، و تحويل اليورانيوم إلى معدن لصنع قنبلة نووية.
يريد الرئيس الأمريكي جو بايدن ترك منصبه بإنتصار ظاهري، يتمثل في وقف إطلاق نار ضعيف مع حزب الله في لبنان وهو حليف مهم وقوي لإيران، ولن يرغب (الرئيس جو بايدن) ــ بغض النظر عن مدى تصعيد إيران لبرنامجها النووي في الأسابيع الثمانية المُقبلة ــ في القيام بأي شيء لزعزعة إستقرار هذا (الأرث).
إن عملية صنع لوازم القنبلة النووية، على عكس التخصيب لليورانيوم، و تطوير ونشر الصواريخ الباليستية، حيث من السهل إخفاء هذه اللوازم، وخاصة في دولة واسعة المساحة مثل إيران.
إن ما تبقى من ولاية جو بايدن هو فرصة ذهبية لإيران لتسريع برنامجها النووي، و الإقتراب من الحصول على قنبلة نووية، وذلك بعد أن نجحت بالفعل في تخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع العديد من القنابل الذرية، و إمتلاك الصواريخ الباليستية لضرب أي مكان في إسرائيل، ورسالة الحرس الثوري الإيراني إلى أميركا، العالم العربي والدولة اليهودية، هي أننا نستطيع إمتلاك العديد من الأسلحة النووية متى أردنا، وفي وقت قصير.
إن مئات الصواريخ الباليستية (من إيران) قادرة على إغراق الأنظمة الدفاعية الجوية المتطورة في اسرائيل (مثل ثاد THAAD، السهم Arrow، باتريوت، و مقلاع داود).
إذا كان 5% فقط من هذه الصواريخ تحمل أسلحة نووية، في حالة إسرائيل، فإن هذا يعني نهايتها الحتمية!
فهل يعتقد أحد، أن العالم سيفعل أي شيء أكثر من التوبيخ اللفظي عديم القيمة لإيران بسبب شن هجوم نووي على إسرائيل؟
هذا يقودنا إلى اليوم، مع أقل من ثمانية أسابيع حتى تنصيب دونالد ترامب رئيساً، ومن المتوقع أن يركز فريق دونالد ترامب على أجندته المحلية (داخل الولايات المتحدة) الطموحة.
إن أي تحول نحو السياسة الخارجية لفريق دونالد ترامب، من شأنه أن يُشكل تشتيتاً كبيراً لإصلاح الإقتصاد والحكومة الأميركية، ومن غير المعقول أن يستهدف دونالد ترامب إيران لمنعها من أن تصبح دولة نووية!
القيادة الإيرانية ذكية، ومن غير المرجح أن تتجاوز الخط الأحمر الآن بتفجير نووي، ومع ذلك، فإنها ستشير إلى العالم بأنها على بعد أيام من إمتلاك سلاح نووي فعلي، وبالنسبة لأميركا التي تريد تجنب تورط آخر في الشرق الأوسط، فإن حقيقة أن إيران (لم تقم بتفجير نووي)، من المرجح أن تكون كافية للولايات المتحدة لكي لا تفعل شيئاً فعلياً.
إذا أنخرطت الإدارة الجديدة (إدارة دونالد ترامب) في مُحادثات مع إيران، فمن المرجح أن يتفاوض الإيرانيون على تخفيف العقوبات الصارمة التي أعيد فرضها على الإقتصاد الإيراني، ومع ذلك، سوف تتفاوض إيران من موقف قوة جديد يتمتع بنفوذ كبير، حيث ستكون أقرب إلى دولة نووية.
وهذا يعيدنا إلى الوقت الحاضر، عندما أصبحت إيران عاجزة عن الدفاع عن نفسها، بعد تدمير الدفاعات الجوية بواسطة إسرائيل، لمواجهة أي ضربات صاروخية مفترضة على برنامجها النووي!
في غضون عام أو عامين، ستعيد إيران بناء نظامها المُضاد للصواريخ، وربما تقنع حليفتها الروسية بمشاركتها نظام S-400 المُضاد للصواريخ الأكثر تقدمًا، والذي من شأنه أن يُشكل تحديًا أكثر أهمية لطائرات F-35 الإسرائيلية.
إذا شقت إيران طريقها ببطء نحو الحصول على أسلحة نووية، فإن السبيل الوحيد لهذه المعضلة (سيكون تغيير النظام في إيران)، على أمل أن يكون النظام التالي أكثر إستعدادًا لبرنامج نووي مدني سلمي!
هل هذه خطة، أم أنها دعاء؟
لنفترض أن إدارة دونالد ترامب قررت (أن تغيير النظام في إيران هو السياسة الأمريكية الجديدة)، ففي هذه الحالة، فإن أفضل طريقة لتحقيق الإستقرار الإقليمي وتعزيز المصالح الأمريكية هي إعطاء الأولوية لخطة التحول الشاملة القائمة على إعادة فرض وزيادة وفرض العواقب على الدول التي تنتهك العقوبات الأمريكية!
هذا نهج معقول في البداية، على إفتراض أن المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني مقتنعان بأن أمريكا ستكون على إستعداد لإستخدام القوة العسكرية، إذا سارعت إيران نحو القنبلة النووية.
من المرجح أن تُخطط إيران لإنتظار الوقت المناسب، على أمل ألا تؤدي خطابات إدارة دونالد ترامب إلى أفعال مضادة ضد إيران، وهذا يعني عودة حروب الظل الإسرائيلية في عام 2025، مع إعادة تسليح وكلاء إيران و إختيار إيران لأهداف يهودية وإسرائيلية ناعمة (تعتقد إيران أنها لن تستحق ردًا إسرائيليًا على الأراضي الإيرانية).
للأسف، لقد شاهدنا هذا النص من قبل، بهدف “المُضي كما السابق”، على أمل أن تمنح حرب لبنان الثالثة إسرائيل (17 عامًا) من الهدوء النسبي على حدودها الشمالية، كما حصلت بعد حرب لبنان الثانية عام 2006.
(ترجمة بتصرف عن مقال لـ د. إريك ر. ماندل – نقابة الأخبار اليهودية)






