سياسية

الولايات المتحدة (المسيحية) لا تريد إختيار (امرأة) في منصب الرئيس

لم تكن معاناة الديمقراطيين في خسارة المُرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، في إنتخابات 2024، بل كان بالنسبة للعديد من النساء، أن “المرأة الديمقراطية” خَسرت المنافسة أمام نفس المرشح، وهو دونالد ترامب، للمرة الثانية في عقد من الزمان.

واجهت المرشحة عن الحزب الديمقراطي، ونائبة الرئيس كامالا هاريس و وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، المُرشح عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب في ظل ظروف مُختلفة تمامًا، و بإستراتيجيات مُختلفة، ولكن النتيجة كانت هي نفسها لكلا المرشحتين، لقد خَسرن أمام رئيس سابق، أدين بالإعتداء الجنسي، أهان خصومه بلغة جنسية و عنصرية، وضمن الغاء قضية رو ضد وايد (التي تخص حق الإجهاض للنساء، في المحكمة العليا، بعد عقود من الزمن)

وفي أعقاب ذلك، نتائج الإنتخابات لعام 2024، يوم الأربعاء، وجدت بعض النساء الديمقراطيات صعوبة في إستخلاص نتيجة وهي الأكثر إحباطًا، بشأن إحتمال إنتخاب امرأة كرئيسة للولايات المتحدة.

us-2024-2

في مقابلات مع صحيفة بوليتيكو، زعم ما يقرب من إثنتي عشر مسؤولة مُنتخبة و إستراتيجية ديمقراطية، أن كامالا هاريس واجهت وضعا صعبا، بما في ذلك الناخبين الذين لايمكن إقناعهم بسهولة، وكذلك إرتباطها برئيس ( الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن) ذو شعبية مُنخفضة، ولكن، بالنسبة للنساء، كان الأمر أكثر من ذلك!

قالت باتي سوليس دويل Patti Solis Doyle، للصحيفة، (كانت قد أدارت حملة هيلاري كلنتون الرئاسية لعام 2008):

“أعتقد أن البلاد لا تزال مُتحيزة من ناحية الجنس، و ليست مُستعدة لقبول رئاسة امرأة، و كنت آمل أن نقترب، على الأقل، هذه المرة، لكننا مع ذلك قطعنا شوطًا أبعد”.

قالت هؤلاء النسوة الديمقراطيات، إن التحيز الجنسي و العنصرية، المَنسوجين بشكل لا ينفصل في ثقافتنا و سياساتنا، لعبا دورًا محوريًا في حملة 2024 الإنتخابية، لكنهن أنقسمن حول مدى تأثير هذه القوى في النهاية على فوز دونالد ترامب الساحق، حيث اكتسب القوة عبر كل مجموعة سكانية تقريبًا.

قالت عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، عن ولاية ميشيغان، مالوري ماكمورو Mallory McMorrow، مثل غيرها، للصحيفة:

“إن أي مرشح ديمقراطي كان ليخسر ليلة الثلاثاء لأن الأمر يتعلق بشيء أكبر بكثير من ذلك”

أستبعدت عضو مجلس الشيوخ، موضوع التحيز الجنسي كعامل حاسم لفوز دونالد ترامب، لكن آخريات لم يوافقن على ذلك.

قالت خبيرة إستطلاعات الرأي، الديمقراطية، أنجي كوفلير Angie Kuefler، التي عَملت على العديد من مبادرات حقوق الإجهاض في السنوات الأخيرة، للصحيفة:

“إن ترامب أستغل موضوع الإختلاف الجنسي، بشكل صريح وحاول عمدًا تنشيط الرجال بطريقة تقليدية تركز على الذكورية”.

وأضافت للصحيفة:

“لا نريد أن نقول ذلك علنًا، لا يمكن إنتخاب امرأة، و لكن ماذا يُفترض أن نستفيده من هذه اللحظة؟ آمل أن يكون هذا فريدًا من نوعه بالنسبة للنساء اللواتي يترشحن ضد ترامب”.

في خطاب إعترافها بالهزيمة بعد ظهر يوم الأربعاء، لم تخاطب كامالا هاريس صراحة جميع الفتيات الصغيرات، كما فعلت هيلاري كلينتون في عام 2016. وبدلاً من ذلك، تحدثت على نطاق واسع عن النظرة الطويلة الأجل للتقدم، وحثت مؤيديها على أنه على الرغم من أن المعركة تستغرق وقتًا طويلاً في بعض الأحيان، فإن هذا لا يعني أننا لن نفوز،

وقالت:

“الشيء المهم هو عدم الاستسلام أبدًا”.

خلال حملتها الرئاسية، كامالا هاريس، التي أستمرت ثلاثة أشهر، راهن موظفوها، على أنهم يستطيعون تحسين أداءها فيما يخص تصويت النساء لها، مقارنة بأداء جو بايدن في عام 2020، مما يؤدي إلى فتح فجوة الإختلاف الإجتماعي، بشكل أكبر للتعويض عن خسائرها مع الشباب.

لقد أعتقدوا، أن موضوع حقوق الإجهاض، إلى جانب الوضع الاقتصادي، لكامالا هاريس، يمكن أن تكسب المزيد من النساء تحت سن الأربعين والنساء غير المُتعلمات في الكليات مقارنة بزميلتها السابقة (هيلاري كلنتون).

بدلاً من ذلك، كان أداءها أسوأ، وفقًا لإستطلاعات الرأي!

فازت كامالا هاريس، بتصويت النساء لها بفارق 8 نقاط، بإنخفاض عن الفجوة التي بلغت 15 نقطة في عهد جو بايدن في عام 2020، بينما أضاف دونالد ترامب إلى قوته الإنتخابية من الرجال، فاز بفارق 13 نقطة.

في الواقع، كان أداء كامالا هاريس أسوأ من هيلاري كلينتون، التي حافظت على ميزة 13 نقطة مع الناخبات من النساء.

المجموعة الوحيدة التي كان أداء كامالا هاريس أفضل معها هي النساء البيض المتعلمات في الكليات، اللاتي دعمنها بنسبة 7 نقاط مئوية إضافية عن عام 2020، لجو بايدن.

قبل ثماني سنوات، كيفت جميع أوقاتها، هيلاري كلينتون، للنساء، طوال جزء كبير من حملتها الإنتخابية لعام 2016، وخُلدت بشعارها المعروف: ” I’m With Her”.

كانت ترتدي بدلات بيضاء وتحدثت عن الوصول لأعلى قمة في سلم الإنتخابات.

ولكن على الرغم من كل شيء تم تداوله أو طرحه للناخبين حول أن “المستقبل للمرأة”، فإن أكثر من نصف النساء البيض لم يصوتن لصالحها في عام 2016، وفقًا لاستطلاعات الرأي في عام 2016.

إستنادًا إلى الدرس من خسارة هيلاري كلينتون، لم تؤكد كامالا هاريس هذا العام على العناصر التأريخية لترشحها، حيث كانت تراهن على أن الناخبين المُترددين كانوا مُستعدين للتصويت لامرأة، ولكنها كانت تهتم أكثر بسجلها ومنصتها الإنتخابية.

قالت مارثا ماك‌ينا Martha McKenna، مُستشارة ديمقراطية، للصحيفة:

“تعاملت هاتين المرشحتان مع الطبيعة التأريخية لحَملتهما بشكل مختلف تمامًا، بينما ترامب بقي هو نفسه، لكن النتيجة هي نفسها، و لا أعرف كيف أفسر ذلك بعد”.

“في عام 2016، كان الناس يبكون”، لكن هذه المرة، الناس متشددون ومستسلمون”.

منذ عام 2016، ترشحت النساء بمستويات قياسية لمناصب أعلى، وفي العديد من الأماكن، فُزن، و في عام 2023، شغلت إثنتي عشرة امرأة منصب حاكم في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وهو أكبر عدد في التأريخ.

قالت أحدى الإستراتيجات للصحيفة، ولكن لم تكشف عن أسمها:

“لقد قَطعن خطوات كبيرة فيما يتعلق بالقيادة التنفيذية النسائية، ولكن ما يتعامل معه الرؤساء ولا يتعامل معه الحكام، بشكل عام، هو الأمن القومي والجيش، وكان هناك شيء في لغة قالها دونالد ترامب عن أن كامالا هاريس، أنها كلعبة بيد زعماء العالم … أعتقد أن هذا قد يكون نقطة خلاف بالنسبة لنا، والتي أنصبت في كراهية النساء لعدم كونهن قويات بما يكفي في سياق السياسة الخارجية”.

حتى عندما سعت إلى تجاهل جنسها، بدا دونالد ترامب وكأنه يَستغل الأمر كذلك!

تحدث الرئيس السابق، دونالد ترامب، مرارًا وتكرارًا عن المظهر الجسدي لكامالا هاريس، و أقترح كثيرًا أنها أستخدمت (العمل الجنسي) للإرتقاء مهنيًا، وعندما صاح أحد المشاركين في تجمع في ولاية كارولينا الشمالية، بأن كامالا هاريس “عملت عند الزاوية”، في إشارة فظة إلى (العمل الجنسي)، رد دونالد ترامب، “هذا المكان مذهل”!

في الأيام الأخيرة من الحملة، أصدرت لجنة عمل سياسية مؤيدة لدونالد ترامب، بدعم من إيلون ماسك، إعلانًا يصف كامالا هاريس بأنها “a big ole c-word”، وهي كلمة بذيئة جدا (c-word)، في الإشارة للأعضاء الحساسة للمرأة، ويصفها كذلك بأنها شيوعية (*هي في الحقيقة يسارية، والشيوعية تصنف من ضمن اليسار، وليس اليمين حتما)، ولكن هي إشارة واضحة إلى كلمة مُبتذلة ومسيئة تستخدم لإهانة النساء.

قالت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الشمالية سيدني باتش – Sydney Batch، للصحيفة:

“أحتاج إلى معرفة كيفية أن النساء البيض، حتى يومنا هذا، في ظل كل تحيز دونالد ترامب الجنسي ضد المرأة، وكل عنصريته، لا يزال هو الشخص الذي صوتن له، بدلا من كامالا هاريس، إنه لأمر مذهل”.

قالت هؤلاء النسوة، إنه أمر صادم بشكل خاص، بعد كل اللحظات التي هزت فهم البلاد لسياسات التنوع الإجتماعي (نساء ورجال)، على مدى السنوات الثماني الماضية، حيث الشعور بالذنب بعد خسارة هيلاري كلينتون، حيث مسيرة النساء، حركة MeToo (التي تعرضن للإعتداء الجنسي)، جلسات الإستماع لمرشح المحكمة العليا – المحافظ بريت كافانو، من قبل نفس المرشحة كامالا هاريس في مجلس الشيوخ، حيث قضية إلغاء موضوع الإجهاض، الوفيات التي يمكن منعها للنساء الحوامل اللاتي لم يتلقين العلاج.

قالت عضو مجلس الشيوخ للصحيفة:

“الوضع قاتم للغاية، نحن بحاجة إلى تكثيف دراسة الاحداث، لمعرفة السبب الذي يجعل الأميركيين يجدون صعوبة بالغة في التعامل مع وجود امرأة على رأس هذه البلاد، والشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو الاستيقاظ ومواصلة العمل”.

(ترجمة بتصرف)، عن مقال لـ إيلينا شنايدر Elena Schneider- صحيفة بوليتيكو، الأمريكية – 11-7-2024

أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات