
تُضاعف شركات النفط الأمريكية الكبرى من عمليات الحفر للكشف عن النفط والغاز وزيادة الإنتاج، مما يُعمق الإنقسام مع الدول الأوربية بشأن آفاق مصادر الطاقة المتجددة، وحصلت هذه الشركات على دعم من كبار المُستثمرين، الذين لا يتوقعون أن تصرف هذه الشركات في الولايات المتحدة أموالها على مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
من بين عشرات المستثمرين في الولايات المتحدة، الذين أتصلت بهم وكالة رويترز مجموع أصولهم المالية ( بنحو سبعة تريليون دولار )، قال معظمهم : إنهم يفضلون تمويل شركات النفط للحصول على عوائد من الأعمال التي يعرفونها بشكل أفضل، ومنح المساهمين ( أصحاب الأسهم في هذه الشركات ) سيولة مالية، ليستثمروها على المشاريع الأخرى ( الطاقة المتجددة ).
مع ارتفاع أسعار النفط والغاز هذا العام، حققت شركات النفط الأمريكية الكبرى في الغالب عوائد أعلى وحققت أرباح مضاعفة أفضل من المنافسين، مما عزز حماس المساهمين.
قال مارك ستوكل Mark Stoeckle، كبير مدراء شركة التمويل ( Adams Funds )، والذي يفضل تمويل الشركات الأمريكية، لوكالة رويترز : في نهاية المطاف، نحن لا نستثمر أموالنا لمجرد أن شركة ما تعدنا بأشياء جيدة !
قال مايكل لِس Michael Liss، كبير مدراء شركة الإستثمار ( American Century Value Fund )، لوكالة رويترز : إنه يستثمر في عدد أكبر من الشركات الأمريكية الكبرى، بدلاً من الشركات الأوروبية، لأن الشركات الأمريكية تُنفق أموال أقل على ما يسمى ( مشاريع الطاقة النظيفة والوقود البديل )، عندما يكون الطلب على النفط قوياً.
وقال : نعتقد أن الوتيرة التي تفكر فيها هذه الشركات في تبني مشاريع الطاقة النظيفة، ستكون أكثر واقعية.
استراتيجيات الإنقسام – العوائد المالية أو التحول السريع في تبني مشاريع الطاقة المتجددة – تسلط الضوء على اختلاف الضغوط من المستثمرين والحكومة الفيدرالية.
كما تسلط الضوء على الصعوبات في صياغة خطة عالمية للحد من استخدام الوقود الملوث للبيئة، وهو الموضوع الرئيسي لمؤتمر الأمم المتحدة المقبل لتغير المناخ COP26 في غلاسكو – سكوتلندا.
ترفض كبرى شركات النفط الأمريكية، مثل شركة تشفرون Chevron Corp و شركة أكسون موبل Exxon Mobil Corp و شركة كونوكو فليبس ConocoPhillips، القيام بدور مباشر في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وقد أستثمرت القليل من نفقاتها المالية في خطط التحول نحو الطاقة المتجددة، مقارنة بالأوروبيين، حيث تتوقع معظم هذه الشركات زيادة إنتاج النفط.
يقول منتجوا النفط الأمريكيون : إنهم يشاركون مخاوفهم بشأن تغير المناخ.
لقد تعهدت هذه الشركات بإنتاج نفس الكميات من النفط، لكن بانبعاثات ضارة بالبيئة أقل من ذي قبل.
تحاول هذه الشركات جعل ضخ ثاني أوكسيد الكاربون في حقول النفط المُستنزفة ( Depleted ) أكثر فائدة من الناحية التجارية، بالإضافة إلى تطوير أنواع وقود جديدة أكثر نظافة مثل الهيدروجين والوقود الحيوي من الطحالب.

كما قال مايكل ويرث Michael Wirth، الرئيس التنفيذي لشركة تشفرون الأمريكية مؤخرًا : تُفضل الشركات الأمريكية جني الأرباح وأغداق الأموال على المساهمين، وليزرعوا الأشجار كما يريدون.
” البعض يعتقدون أنه يتعين علينا القيام بنفس العمل الذي تقوم به الشركات الأوروبية، لكنني أقول إن هؤلاء ليسوا غالبية المساهمين الذين أسمع منهم “
مايكل ويرث، الرئيس التنفيذي لشركة تشفرون الأمريكية، متحدثاً للصحفيين حول خطط الشركة للتحول نحو الطاقة النظيفة
” إن أزمة الطاقة في أوروبا – مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء – تعكس جزئيًا نقص الإستثمار في مشاريع النفط والغاز “
نيل تشابمان Neil A. Chapman – نائب رئيس شركة اكسون موبل الأمريكية في مؤتمر الشهر الحالي
تختلف الحكومات الأمريكية والأوروبية حول الكيفية التي تريد بها شركات النفط خفض الإنبعاثات الضارة بالبيئة.
يفضل أعضاء الكونغرس الأمريكي زيادة الإنفاق على احتجاز ثاني أوكسيد الكاربون وضخه في الحقول النفطية.
أصدرت الحكومتان الألمانية والبريطانية قوانين تتطلب تخفيضات حادة في انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة والمسببة للإحتباس الحراري.
أمرت محكمة هولندية في أيار / مايو ٢٠٢١، شركة شل الهولندية Royal Dutch Shell بخفض انبعاثاتها من ثاني أوكسيد الكاربون بنسبة ٤٥ ٪ بحلول عام ٢٠٣٠ ، وهو قرار من شأنه تسريع عملية تخلصها من مشاريع النفط والغاز.
قامت شركة شل الهولندية Shell وشركة برتش بتروليوم BP البريطانية، ببيع حصصها في مشاريع النفط الصخري، كجزء من الإستراتيجية للتحول نحو الطاقة النظيفة.
تعهدت شركة توتال إنرجي الفرنسية، بصرف نسبة ٢٠ ٪ من إنفاقها الرأسمالي على الكهرباء والطاقة المتجددة.
قال شاون رينولدز Shawn Reynolds، مدير صندوق استثمار مالي ( VanEck )، لوكالة رويترز
” إن أسعار النفط المرتفعة الحالية تدعم استراتيجية الشركات الأمريكية الكبرى وتوضح خطر إزالة ثاني أوكسيد الكاربون من الإنتاج، دون خفض الطلب على الوقود.
هنالك يقظة متأخرة بأن الإنتقال نحو الطاقة النظيفة لن يحدث بين عشية وضحاها.
وإن شركات النفط التي تتوسع في مجال مشاريع مصادر الطاقة المتجددة ذات الهامش المنخفض للربح ستخسر الإرباح التي تحصل عليها من مشاريع النفط والغاز “
الأموال المتدفقة لأسهم شركات النفط، تتعارض مع ما تتبناه بشكل أوسع صناديق الإستثمار، المدركة لتغير المناخ !.
صُنفت صناديق الأسهم الأمريكية على أنها ” مستدامة ” من قبل Morningstar ، مما يعني أنها تتجنب إلى حد كبير أو تقلل من الإستثمار في مجال مشاريع النفط والغاز ، لكن حصلت أسهم الشركات النفطية ( المشاريع النفطية والغازية ) على عوائد ( ٢٥.٧ مليار دولار )، هذا العام، لغاية ٣٠ أيلول / سبتمبر ٢٠٢١ ، أي ما يعادل أكثر من نصف التدفقات المالية، ولم تركز على ( الإستدامة ).
بلغ إجمالي عائد صندوق الإستثمار XOP ETF ، الذي يتتبع مخزونات النفط والغاز، ٩٢ ٪ للعام الحالي لغاية يوم الثلاثاء ٢٦ / ١٠ / ٢٠٢١، مقارنةً بإجمالي عائد ٢٢ ٪ لصندوق الإستثمار ESG.
بلغ العائد المالي الإجمالي لمؤشر S&P 500 ، ٢٣ ٪ خلال نفس الفترة.
BlackRock Inc و Vanguard ، وهما أكبر شركتين استثماريتين، دعمتا المديرين المعارضين في شركة أكسون موبل Exxon للتحول نحو الطاقة النظيفة، ودعمت دعوات في اجتماعات شركة تشفرون Chevron’s و شركة كونوكو فليبس ConocoPhillips ، السنوية، لخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون.
من بين أكثر من ( ٢٥ ) صندوقًا استثماري نشط في الولايات المتحدة، كانت صناديق التمويل الأمريكية هي المالك الوحيد تقريبًا لأسهم كبريات شركات النفط الأمريكية والأوروبية، وفقًا لبيانات من Morningstar Direct.
قال محلل رأس المال، كريغ بيكوك Craig Beacock، في تموز / يوليو : إن ارتفاع أسعار النفط قد يخلق تحديات لنهج الطاقة النظيفة لشركات النفط.
أنضمت جامعة هارفرد وروكفلر براذرز ومؤسسات أمريكية أخرى إلى حركة يقودها صندوق الثروة السيادي النرويجي لخفض تمويل الأسهم الخاصة بشركات النفط والغاز.
وجد إحصاء حديث للنشطاء في مجال البيئة : أن المؤسسات التي لديها أصول تبلغ ( ٣٩.٢ تريليون دولار )، قد التزمت ببعض أشكال التخلص مشاريع النفط والغاز.
وقال مستثمرون أتصلت بهم وكالة رويترز : إنهم ليسوا مستعدين للسعي في اتجاه التخلص من مشاريع النفط والغاز، من الأفضل الإستمرار في الإستثمار والضغط على الشركات لشرح كيف يمكن أن تساعد في الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
قال إيانكو داراموس Iancu Daramus، كبير محللي الإستدامة في شركة ادارة الإستثمار ( Legal & General Investment Management )، لوكالة رويترز : يتعين على الشركات عمومًا خفض الإنتاج ودفع الأرباح للمستثمرين، نمو الأسواق الناشئة لن يبقي الطلب على النفط والغاز مرتفعاً على المدى الطويل.
ومع ذلك، يعتقد الكثير من المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط أن بإمكانهم الصمود أكثر من الآخرين مع تحول العالم إلى مصادر وقود أخرى.
قال إيانكو داراموس Iancu Daramus، كبير محللي الإستدامة في شركة ادارة الإستثمار ( Legal & General Investment Management ) : قلة من الرؤساء التنفيذيين يريدون إجراء تخفيضات كبيرة في الإنتاج.
قال إيانكو داراموس Iancu Daramus : تميل كل شركة (نفط) نتحدث معها إلى القول إنها ستكون آخر الشركات الصامدة في مجال الإستمرار بنشاط انتاج النفط والغاز.
دعت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) يوم الأربعاء إلى التوسع بشكل كبير في مشاريع وسياسات الطاقة النظيفة في قمة المناخ القادمة للأمم المتحدة COP26، ضد التقلب الكبير لأسعار النفط والغاز.
وتأتي دعوة وكالات الطاقة الكبرى في العالم، بعد أن حذرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن التعهدات المُحدثة لخفض الإنبعاثات لم تكن كافية.
أن مؤتمر المناخ في غلاسكو ( COP26 ) قد يكون الفرصة الأخيرة للحد من ظاهرة الإحتباس الحراري.
” الوقت ليس في صالحنا … لذلك، هذا هو العقد حيث نريد أن نرى أساسًا قويًا للإجراءات التي يتم التركيز عليها، بحيث نكون في الواقع على المسار الصحيح للوصول إلى صافي ( صفر / ** اطلاق ثاني أوكسيد الكاربون للجو وسحب ثاني أوكسيد الكاربون من الجو يكون متساوياً ) لإنبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون بحلول منتصف القرن الحالي “
غوري سينغ Gauri Singh ، نائب مدير في إيرينا – الوكالة العالمية للطاقة المتجددة – IRENA
كررت ماري وارليك Mary Warlick، نائبة المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية IEA، دعوة الوكالة إلى مضاعفة الإستثمارات ثلاث مرات في مشاريع الطاقة النظيفة بحلول عام ٢٠٣٠، للحد من تغير المناخ.
” نحن بحاجة إلى زيادة الإستثمار في الطاقة النظيفة بشكل كبير مع استمرار عدم التوافق بين الإستثمار في مجال الطاقة، وزيادة مخاطر تقلب الأسعار في المستقبل وتأخر العمل المناخي “.
ماري وارليك Mary Warlick، نائبة المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية IEA – مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة (SIEW)
” نتطلع إلى التزام لا لبس فيه من الحكومات في مؤتمر المناخ COP26 في غلاسكو “
ماري وارليك Mary Warlick، نائبة المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية IEA – مؤتمر أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة (SIEW)
مؤتمر الطاقة في غلاسكو سوف ينعقد بتأريخ ٣١ تشرين أول / أكتوبر الحالي
سيتطلب تحقيق هدف اتفاقية المناخ، المتمثل في خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون الصافية ، استثمارات في التحول نحو الطاقة النظيفة بقيمة ٢ ٪ -٣ ٪ من الناتج العالمي كل عام، لغاية عام ٢٠٥٠ ، وهو أقل بكثير من التكلفة الإقتصادية للتقاعس عن العمل تجاه تغير المناخ، وفقًا لإستطلاع أجرته وكالة رويترز مع خبراء اقتصاديات المناخ.
” لسوء الحظ، ما زلت لا تملك السياسات الصحيحة المعمول بها في العديد من البلدان، وهو ما أعتقد أنه بالغ الأهمية “.
غوري سينغ Gauri Singh ، نائب مدير في إيرينا – الوكالة الدولية للطاقة المتجددة – IRENA






