مقال رأي وتحليلاتإستطلاعات الرأي

على الرغم من دعم إنسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، فإن الأمريكيين يفضلون الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي الحالي في جميع أنحاء العالم.

بينما يبدو بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تتفهم موقف الأمريكيين من الصين، والتجديد الداخلي الأمريكي لدعم القدرة التنافسية العالمية، فإن إستطلاعات الرأي ( تَدحضْ ) إفتراضاتهم بأن الشعب الأمريكي ( مُتشكك ) بشأن الإتفاقيات التجارية، وإن الشعب الأمريكي قد ( سَئِمَ ) من ( المشاركة والقيادة ) العالمية للولايات المتحدة.

مقال رأي لـ ( دينا سملتز Dina Smeltz ، زميلة في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية Chicago Council on Global Affairs ، مختصة بإستطلاعات الرأي العام ) و ( إليزابث شيكلفورد Elizabeth Shackelford – المختصة بالسياسة الخارجية الأمريكية )، في صحيفة The Hill

بعنوان

For the American public, military conflict is the new normal

( بالنسبة للشعب الأمريكي، العمليات العسكرية أصبحت شيء طبيعي )

أظهر إستطلاع جديد للرأي : إن الأمريكيين غير متحسسين إلى حد ما، من العمليات العسكرية التي تقوم بها حكومتهم، في الخارج – لكن بدون إرسال قوات عسكرية كبيرة، للقتال بشكل مباشر.

هذا يعني، أن هنالك ضغطًا شعبيًا ( ضئيلًا جدًا ) على الجيش الأمريكي، للحد من الحملات العسكرية في البلدان في جميع أنحاء العالم، بإسم مكافحة الإرهاب.

وفقًا لإستطلاع رأي أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية Chicago Council on Global Affairs – لعام ٢٠٢١، نسبة ( ٧١ ٪ ) من الأمريكيين، يعتبرون مشاركة القوات الأمريكية بشكل مباشر في القتال في الخارج، بأنه ( إعتداء عسكري Act of War ).

يقول ( قلة فقط ) من الأمريكيين، نسبة ٤٤ ٪ ، إن الضربات الجوية بالطائرات بدون طيار أو الإغتيالات ضد المسؤولين الحكوميين في البلدان الأخرى، هي ( إعتداء عسكري ).

نسبة ٤١ ٪، إن الضربات الجوية ضد المتمردين المناهضين للحكومة في بلدان أخرى، هي ( إعتداء عسكري ).

نسبة ٣٩ ٪، إن ضربات الطائرات بدون طيار ضد الإرهابيين المشتبه بهم في بلدان أخرى، هي ( إعتداء عسكري ).

نسبة ٣٤ ٪ ، يعتقدون إن نشر القوات الخاصة الأمريكية، هو ( إعتداء عسكري ).

بالنسبة للإنتماءات السياسية ( جمهوري، ديمقراطي، محافظ، مستقل ..الخ )، لاتوجد إختلافات كبيرة في الرأي.

بالنسبة للولايات المتحدة منخرطة في صراعات في هذه المناطق البعيدة من العالم، على نطاق واسع.

اليوم، الولايات المتحدة تشارك بنشاط في صراعاتٍ، دون نشر القوات العسكرية على نطاق واسع، في عشرات البلدان في جميع أنحاء العالم.

خلال ٢٠ عامًا من الحرب على الإرهاب، نفذت الولايات المتحدة ( ٩١,٠٠٠ ) ضربة جوية في سبع دول.

هذا العام ( ٢٠٢١ ) وحده، قامت الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات في أفغانستان، سوريا، العراق والصومال.

منذ عام ٢٠١٨، أنخرطت القوات الأمريكية في الأعمال العسكرية، أو شبه أعمال عسكرية في ١٢ دولة.

أجرت تدريبات، ومساعدة في مكافحة الإرهاب، في ما يقرب من ٨٠ دولة.

على الرغم من هذا الإستخدام الواسع للعمليات العسكرية، وفقًا لتعريف الأمريكيين للحرب، فإن دولتين فقط من هذه الدول العديدة، تعد أماكن كانت الولايات المتحدة فيها في حالة حرب.

يختلف بعض المحللين، ويعتقدون، أن كل هذه العمليات في هذه الدول، يمكن أن تكون حرباً للولايات المتحدة مشتركة فيها، ولهذا السبب، وصفوا الإنسحاب من أفغانستان، بأنه تقليص الحرب بدلاً من إنهاءها فعليًا.

كيف أنتهى المطاف بالولايات المتحدة لمثل هذه الأنشطة الواسعة النطاق لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم ؟

الجواب سهل جداً.

لقد وفر تصريح إستخدام القوة العسكرية (AUMF) لعام ٢٠٠١، الذي تم تمريره في الكونغرس الأمريكي، بعد أيام قليلة من هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر ٢٠٠١، غطاءً قانونيًا، لأي عمل عسكري في العديد من البلدان حول العالم، وضد العديد من الجماعات الإرهابية، والتي لم يكن بعضها ( ** مثل داعش ) موجودًا حتى عندما تم تمرير التفويض قبل عقدين من الزمن.

من خلال الإعتماد على هذا التفويض الواسع من الكونغرس، تجنبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة الإضطرار إلى طرح أي قضية عامة فيما يخص بالدخول في أي حرب أو ساحة لمعركة جديدة ومتغيرة، وتغاضى الكونغرس بذكاء عن دوره الرقابي.

يعني تجاوز هذا التفويض في حالات محددة والدخول بنزاعات عسكرية جديدة، إن الولايات المتحدة دخلت في معظم هذه النزاعات العسكرية الجديدة بشكل عرضي، مع القليل ( أو حتى دون ) النقاش العام أو الوعي بالعواقب أو تفحص دقيق للموضوع.

ساعدت العلاقة العرضية للحكومة الأمريكية مع الصراعات العسكرية حول العالم، في تشكيل رأي عام داخلي أمريكي مماثل.

لا عجب إن الأمريكيين لايعتبرون هذه العمليات العسكرية، بمثابة ( إعتداء عسكري )، عندما تحدث بشكل روتيني، بعيدًا عن الأنظار، على مسافة بعيدة وخارج أي موضوع للنقاش العام.

لكن السهولة التي دخلت فيها الولايات المتحدة في هذه الصراعات، تكذب التداعيات الخطيرة لفعلها ذلك.

إنها مُكلفة وتنطوي على عواقب غير مقصودة، مثل الخسائر المدنية غير الخاضعة للمساءلة والتي تؤجج مزيدًا من الصراع، وتجعل الولايات المتحدة أقل أمانًا، وليس أكثر.

نظرًا لأن هذه العمليات العسكرية الفردية لا تحتاج إلى إذن مُحدد، فإنها تختفي من الرأي العام، وتذهب تكاليفها دون حساب.

مع القليل من التدقيق، لا يمكن للأمريكيين التأكد من أن هذه الأعمال العسكرية تدعم مصالح الولايات المتحدة في الخارج على الإطلاق.

هنالك إهتمام متزايد في الكونغرس للحد من التدخلات العسكرية في الخارج، لضمان مزيد من التدقيق.

في تموز / يوليو ٢٠٢١، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين ( الديمقراطي والجمهوري ) قانون سلطات الأمن القومي National Security Powers Act، والذي من شأنه أن يضمن أن العمل العسكري العدائي، مثل ضربات الطائرات بدون طيار القاتلة ومساعدة الجيوش الأجنبية في مواجهة التمرد، دائمًا يكون بإشراف الكونغرس، بغض النظر عما إذا كانت حرباً أو غير ذلك.

مع هذه المتطلبات، سيكون الدخول في الصراعات في الخارج أكثر تقييدًا، وفي عملية السعي للحصول على تفويض من الكونغرس، سيتم إستكشاف ومناقشة التكاليف والمخاطر والعواقب غير المؤكدة.

سيؤدي القيام بذلك إلى زيادة وضوح الرؤية العامة لهذه الأعمال العسكرية.

قد لا يدعوها الأمريكيون كل يوم، حربًا، لكنهم سيكونوا أكثر إستعدادًا لحساب مخاطر ومكافآت التورط في النزاعات المستقبلية.

المسؤولون الأمريكيون يعتقدون أن الرأي العام الأمريكي متشكك في المشاركة الدولية للولايات المتحدة.

لكن ٦٤ ٪ من الأمريكيين يقولون إنهم يريدون للولايات المتحدة أن تلعب دورًا رائدًا في معالجة العديد من التحديات الأكثر إلحاحًا في العالم ، بما في ذلك تغير المناخ و وباء فيروس كورونا.

على الرغم من دعم إنسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، فإن الأمريكيين يفضلون الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي الحالي في جميع أنحاء العالم.

من المرجح – أو حتى أكثر – دعم من الأمريكيين في إستخدام القوات العسكرية للدفاع عن حلفاء مثل تايوان وأوكرانيا، وفي جميع أنحاء العالم.

المصدر
المصدر المصدر
أقرأ المزيد

المقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات