حرب جديدة في أمريكا الجنوبية، ولكن بشكل جديد

المزيد من الصواريخ… وعدد أقل من الاعتقالات: الحرب على المخدرات في عهد ترامب لم تعد مجرد عمل إنفاذ قانوني، بل أُعلِنت حرباً فعلية.
دخلت الولايات المتحدة عصرًا جديدًا تُصنّف فيه شبكات تهريب المخدرات كـ«إرهابية»، ويُرخص للرئيس الامريكي دونالد ترامب قتلهم قبل وصولهم أو وصول مخدراتهم إلى البلاد.
قال مسؤول رفيع في إدارة دونالد ترامب لـموقع اكسيوس الامريكي:
«وجهة نظر الرئيس العامة هي أنه إذا كانت هناك تهديد إرهابي ضد الوطن في الولايات المتحدة، فإنه يثق بالجيش للتخلص من هذا التهديد — سواء كان زورقًا للمخدرات قبالة سواحل فنزويلا أو إرهابيًا من القاعدة في الشرق الأوسط.»
ما الجديد؟
في يوم الثلاثاء، أستهدفت البحرية الأمريكية زورقًا مُشتبهًا به في نقل المُخدرات قرب سواحل فنزويلا، مما أسفر عن مقتل جميع أفراد طاقمه البالغ عددهم 11 شخصًا، بحسب تصريح الرئيس دونالد ترامب ومسؤولين من وزارة الدفاع.
وصف الخبراء هذا الحادث بأنه أول قصف بأسلحة قتالية فعلي ضد زورق يُعتقد أنه يستخدم لنقل المخدرات وينطلق بسرعات عالية، وقد تم تدميره عسكريًا للمرة الأولى.
وعلق ترامب قائلاً:
«هناك المزيد من حيث أتى هذا (الزورق).»
وقد قالت الحكومة الأمريكية إن التفاصيل الأخرى للهجوم — الذي صدر فيديو يوثّقه — سرية.
النقاط المثيرة للجدل
قام كثيرون بإدانة هذا الهجوم، مُعتبرين أن الحرب على المُخدرات كانت حتى الآن نشاطًا قانونياً يقوم به خفر السواحل، بهدف القبض على المُهربين وتقديمهم للمحاكمة.
حيث كتب الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو على منصة X:
«ما حدث يوم الثلاثاء هو قتل في أي مكان في العالم، حيث كنا نقوم باعتقال المدنيين الذين ينقلون المُخدرات لعقود دون قتلهم، و هؤلاء الأشخاص ليسوا كبار المهربين، بل فقراء وشباب من الكاريبي والمحيط الهادئ.»
وعلّق كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لـHuman Rights Watch، قائلًا:
«ترامب يعترف بأنه أمر بإعدام موجز — جريمة قتل، تجّار المخدرات ليسوا مُقاتلين يُمكن إطلاق النار عليهم عند رؤيتهم، إنهم مشتبه بهم جنائيًا ينبغي اعتقالهم ومحاكمتهم.»
التحول في التفكير
لم يعد هذا النهج قائمًا، وفقًا لما يقوله دونالد ترامب، إذ وقع في يوم تنصيبه أمرًا تنفيذيًا يُصنّف بموجبه بعض عصابات المخدرات، من بينها عصابة “ترين دي أراغوا” الفنزويلية، كمنظمات “إرهابية أجنبية”.
يشير مسؤولون إلى أن هذا يمنح الإدارة الأمريكية الحق في إستخدام القوة العسكرية ضدهم، تمامًا كما فوض الرئيس الامريكي الاسبق باراك أوباما إستخدام الطائرات بدون طيار التي أسفرت عن مقتل آلاف المشتبه فيهم بإرهاب.
وليس ذلك فحسب، بل خفّض ترامب القيود الداخلية التي كانت تبطئ تنفيذ العمليات العسكرية القاتلة ضد من يُشتبه في أنهم إرهابيون.
وأفاد المسؤول بأن “مجلس الأمن القومي قضى على ما يقارب 300 جهادي. نحن ننفذ ضربات أسبوعية ضد إرهابيين لا يعلم بها أحد.”
ردود الأفعال
علّق المدعي الأمريكي السابق باتريك سوليفان، الذي سبق أن أدان الرئيس البنمي السابق مانويل نورييغا بتهم مُخدرات بعد القبض عليه عام 1989، قائلًا:
«لم نرَ شيئًا كهذا من قبل.»
وشرح أن توجيه صاروخ لتدمير زورق سريع، أمر غير مسبوق تمامًا.
قال وزير الدفاع بيت هغستيت لبرنامج على قناة فوكس نيوز الامريكية:
«أياً كان الآخرون الذين يتم تهريبهم في تلك المياه والذين نعرف أنهم مصنفون كإرهابيين مخدرات، سيواجهون نفس المصير.»
في المقابل، أعرب عضو مجلس الشيوخ راند بول، عن الحزب الجمهوري، عن تخوّفه، وقال إن على الكونغرس أن يعلن الحرب رسميًا قبل أن تواجه الإدارة المخدرات بحرب شاملة.
بين السطور
لا تقتصر هذه الحرب الجديدة على فنزويلا؛ إلا أن على المدى القريب قد تتشابك مع محاولة تغيير النظام في البلاد للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، المتهم بسرقة الانتخابات الرئاسية العام الماضي.
فبعد مانويل نورييغا، أصبح مادورو ثاني رئيس دولة أميركيّة لاتينيّة يشمل بحقّه اتهام مخدرات، خلال عهد ترامب الأول عام 2020. وحتى مكافأة بقيمة 50 مليون دولار قُدّمت للإدلاء بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.
وقال بيت هغستيت:
«الشخص الوحيد الذي ينبغي أن يقلق هو مادورو، الذي يدير فعليًا كمهرب دولة– من يعرف أنه شارك في أنواع التهريب التي أثّرت مباشرة على الشعب الأميركي.»
خلاصة
باختصار، يمكن استهداف نيكولاس مادورو حتى بالاغتيال أو هجوم بطائرة دون طيار بموجب السياسة الأميركية الجديدة، إلا أن المسؤولين يقولون إن تلك الخيارات لم تُبحث بجدية بعد، لكن ترامب يحتفظ بها كخيار متاح.
وعندما سُئل ما إذا كان تغيير النظام هدفًا أميركيًا، قال بيت هغستيت:
«هذا قرار رئاسي، و نحن مستعدون بكلّ أداة تمتلكها القوات الأميركية.»






