يتعامل العالم ألان مع سلالة مختلفة عن فيروس كورونا الذي أنتشر في مدينة ووهان الصينية

يتعامل العالم الآن مع سلالة مختلفة من فيروس كورونا عن ذلك الذي ظهر في الصين منذ ما يقرب من عام, مع وجود طفرات خلقت سبع سلالات على الأقل من الفيروس حتى الآن

مع انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم وقتل أكثر من ١.٥ مليون, فقد تحور إلى عدة مجموعات أو سلالات رئيسية, حيث تكيف مع مضيفيه من البشر

يعد رسم خرائط وفهم تلك التغييرات على الفيروس أمرًا بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات لمكافحة المرض الذي يسببه

حللت رويترز أكثر من ١٨٥,٠٠٠ عينة جينوم المزودة بواسطة المبادرة العالمية لمشاركة جميع بيانات الإنفلونزا ( جي اي أس أي اي دي ), وهي أكبر قاعدة بيانات لتسلسل جينوم فيروس كورونا الجديد في العالم, لإظهار كيف تغيرت الهيمنة العالمية للسلالات الرئيسية بمرور الوقت

يظهر التحليل أن هناك حاليًا سبع سلالات رئيسية من الفيروس

السلالة الأصلية, التي تم اكتشافها في مدينة ووهان الصينية في كانون أول / ديسمبر ٢٠١٩, هي السلالة ( أل ), ثم تحور الفيروس إلى سلالة ( أس ) في بداية عام ٢٠٢٠

تبع ذلك سلالتان ( ڤي و جي ), تحورت السلالة ( جي ) بشكل أكبر إلى سلالات ( جي أر ) و ( جي أتش ) و ( جي ڤي ), تم تجميع العديد من الطفرات النادرة الأخرى معًا على أنها سلالة ( أو )

بعد تفشي المرض في أوائل تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠٢٠, أغلق مسؤولو الصحة الولاية في البداية لأنهم اعتقدوا أن تفشي المرض نتج عن سلالة أكثر عدوى من الفيروس

قاموا برفع الإغلاق بعد يوم واحد عندما اتضح أن عامل مطعم بيتزا كذب بشأن كيفية إصابته بالمرض

تتبع الطفرات

الطفرة هي تغيير في المادة الجينية للكائن الحي, عندما يصنع فيروس ملايين النسخ من نفسه وينتقل من مضيف إلى آخر, فليس كل نسخة متطابقة

تتراكم هذه الطفرات الصغيرة مع انتقال الفيروس, ويتم نسخها مرارًا وتكرارًا

يمكن لقواعد البيانات مثل ( جي اي أس أي اي دي ), تتبع هذه التغييرات في العينات الفردية, مما يسمح للعلماء بربط النقاط بعينات أخرى وتحديد متى تتشكل السلالات الرئيسية الجديدة


حددت قاعدة بيانات ( جي اي أس أي اي دي ) حوالي ٣,٥٠٠ من هذه العينات من جميع أنحاء العالم, مما أدى إلى إنشاء شجرة عائلة توضح كيفية ارتباطها

يوضح مخطط البيانات العلاقات بين العينات وأين ظهرت سلالات جديدة

سلالات متغيرة

في وقت سابق من الوباء, شق الفيروس طريقه بسرعة نسبيًا في جميع أنحاء العالم, حيث تم تقديمه بشكل متكرر إلى مواقع مختلفة وأثار تفشي المرض بشكل منتظم

خلال ذلك الوقت, كان هناك مزيج أكثر تنوعًا من السلالات بين العينات التي تم إبلاغ ( جي اي أس أي اي دي ) بها

عندما بدأت الدول في إغلاق حدودها, تم إدخال عدد أقل من السلالات الجديدة

في البلدان التي توجد فيها سلالات من النوع ( جي ) الأكثر مرونة, بدأت في الهيمنة

ومع ذلك, فإن توقيت ومعدل التطور إلى سلالات جديدة حدث في مراحل مختلفة لبلدان ومناطق مختلفة

في آسيا ، استمرت سلالة ( أل ) الأصلية لفترة أطول حيث سارعت العديد من البلدان, بما في ذلك الصين, إلى إغلاق الحدود وتقليص الحركة

في المقابل, لم تقيد أمريكا الشمالية وأوروبا الحركة بنفس القدر, على الأقل في البداية , مما سمح لسلالات ( جي ) بالانتشار, والتحول, بوتيرة أسرع

سلالات ( جي ) تفشت بشكل كبير

سلالات ( جي ) هي السائدة الآن في جميع أنحاء العالم

أصبحت الطفرة المحددة, ( دي ٦١٤ جي ), هي البديل الأكثر شيوعًا

سمي بهذا الاسم لأنه تم تغيير أحد الأحماض الأمينية من ( دي ) إلى ( جي ) في الموضع ( ٦١٤ ) على بروتينات فيروس كورونا, وهي البنية التي تعطي الفيروس مظهره الشبيه بالتاج

تزامن صعود سلالات ( جي ) مع الطفرات في تفشي الفيروس حول العالم, مع وجود مجموعة من الحالات الجديدة التي تسمح للسلالات بغزو مناطق جديدة

تتضح هيمنة سلالات ( جي ) من خلال البيانات الخاصة بأستراليا واليابان وتايلاند

خلال الموجة الثانية من الإصابات في أستراليا, كانت سلالات ( جي ) موجودة في جميع العينات تقريبًا, مما يشير إلى أن البلاد قد قضت بشكل فعال على انتقال سلالات ( أل ) و ( أس ), السابقة من خلال سلسلة من تدابير التباعد الاجتماعي

انطلقت شرارة كل مجموعات الموجة الثانية في أستراليا من قبل أشخاص عادوا من الخارج وانتهكوا الحجر الصحي

المراكز الرئيسية

تصبح هيمنة السلالات ( جي ) أكثر وضوحًا عند النظر إلى بعض البلدان التي بها أكبر عدد من الإصابات

تقود الولايات المتحدة العدد الإجمالي للإصابات والوفيات إلى حد بعيد

تتزامن معظم الإصابات والموجات الأولى والثانية والثالثة مع زيادة العينات التي تظهر ثلاث سلالات من النوع ( جي )

في الهند, يمكن ملاحظة نمط مماثل حيث يبدو أن الزيادة المستمرة في الإصابات من حزيران / يونيو إلى أيلول / سبتمبر ٢٠٢٠, تتبع منحنى عينات سلالة ( جي )

السلالة الجديدة

أحدث طفرة ظهرت هي سلالة ( جي ڤي ), والتي تم عزلها حتى الآن في أوروبا حيث أصبحت شائعة بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة

قال علماء ( جي اي أس أي اي دي ) إن النسخة فيها طفرة في البروتين, ولكن في هذه الحالة قد يكون له تأثير ضئيل على قدرة الفيروس على الارتباط بالخلايا البشرية

يقول الخبراء إنه من غير الواضح حاليًا ما إذا كانت سلالة ( جي ڤي ) تنتشر بسبب أي ميزة انتقال أم لأنها أثرت على الشباب الناشطين اجتماعيًا والسائحين خلال فصل الصيف

الظواهر المخالفة

خالفت بعض البلدان الاتجاه العام للتقدم, وإن كان بمعدلات متفاوتة, من السلالات ( أل ) إلى ( جي ), في بعض الحالات, تم تقديم بيانات عينة غير كافية إلى ( جي اي أس أي اي دي ) لاكتشاف النمط السائد

ومع ذلك, فشلت بعض البلدان الأخرى ببساطة في اتباع التحول الشامل إلى سلالات من النوع ( جي )

سنغافورة, على سبيل المثال, سجلت عددًا كبيرًا من سلالات ( أو ), نسخ فيروسية لم تتطور إلى سلالات مستدامة, لعدة أسابيع

في كوريا الجنوبية, سادت سلالة ( ڤي ) لفترة مرتبطة بمجموعة ضخمة من الحالات في طائفة دينية في مدينة دايغو

تعد كوريا الجنوبية أيضًا في قلب الجهود العالمية للبحث في إمكانية إعادة العدوى بسلالة مختلفة من الفيروس بعد تقارير في نيسان / أبريل ٢٠٢٠, تفيد

بأن عشرات الأشخاص الذين تعافوا من فيروس كورونا, ثبتت إصابتهم مرة أخرى

قال مسؤولو الصحة في ذلك الوقت

إنهم يشتبهون في أن ذلك يرجع إلى الاختبارات التي التقطت بقايا الفيروس الميت, منذ ذلك الحين, كانت هناك تقارير موثقة عن إعادة إصابة الأفراد بنسخ مختلفة من الفيروس

في ورقة بحثية نُشرت مؤخرًا في مجلة ( كلانكل أنفكشس ديزيز ), استخدم باحثون من مستشفى جامعة سيول الوطنية تحليلًا بأستخدام نموذج حاسوبي لإظهار أن امرأة واحدة أصيبت أولاً بسلالة ( ڤي ) ثم أصيبت لاحقًا بسلالة ( جي )

لماذا الطفرات مهمة

تحدث الطفرات التي تؤدي إلى ظهور سلالات جديدة عندما يقوم فيروس كورونا, بعمل نسخ من نفسه داخل مضيف جديد

جينوم الفيروس عبارة عن مجموعة كاملة من التعليمات الجينية المكتوبة في ٣٠,٠٠٠ “حرف” من التعليمات البرمجية

توجه أقسام مختلفة من الجينوم كيفية تكوين أجزاء مختلفة من الفيروس, مثل البروتينات الهيكلية للقشرة أو البروتينات غير الهيكلية التي تؤثر على التكاثر, عندما يتكاثر الفيروس في الخلايا المضيفة

الطفرات الصغيرة في جينوم الفيروس طبيعية حيث يتم نسخها مرارًا وتكرارًا

حددت قاعدة بيانات ( جي اي أس أي اي دي ), آلاف التغييرات على طول الجينوم

العديد منها غير ضار ولكن يكاد يكون من المستحيل على العلماء توقع متى وكيف يمكن أن تؤدي الطفرة إلى سلالة من الفيروس تكون أكثر قابلية للانتقال أو غير مستجيبة للقاحات المقترحة

يوضح الرسم البياني أدناه المناطق المختلفة من الجينوم ألفيروسي والأجزاء الخاصة للفيروس الذي يتم تغييرها, بالإضافة إلى العديد من الطفرات المسجلة في كل منطقة من مناطق الجينوم

^{تفاؤل حذر}

لقد تحور فيروس كورونا ببطء حتى الآن, مما يسمح للعلماء وصانعي السياسات بمتابعة تقدمه

لا يزال العلماء منقسمين حول الآثار المترتبة على بعض الطفرات

أفاد بعض الخبراء أن الاختلاف ( دي ٦١٤ جي ) جعل الفيروس أكثر قابلية للانتقال, لكن دراسات أخرى تناقض ذلك

في كلتا الحالتين, لم تسفر التغييرات حتى الآن عن سلالات من المحتمل أن تكون مقاومة للقاحات قيد التطوير

في الواقع, وجدت دراسة أجرتها مجموعة من العلماء من عدة مؤسسات بما في ذلك جامعة شيفيلد وجامعة هارفارد

أن سلالات ( جي ) قد تقدم هدفًا أسهل للقاح لأن هذه السلالات تحتوي على المزيد من البروتينات الشوكية على سطحها, والتي هي هدف اللقاح

ومع ذلك, يحذر الخبراء الذين شاهدوا الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية على مدى سنوات, يتفادون هذه اللقاحات ( يعني يبدأ اللقاح لا يعمل على النسخة الجديدة من الفيروس )

وأفضل طريقة لتجنب التغييرات التي تجعل الفيروس منيعًا للقاح هو الحد من انتشاره وتقليل الفرص المتاحة له للتحول

إذا تغير الفيروس بشكل كبير, خاصة البروتينات الشوكية, فقد يؤدي الى عدم عمل اللقاح

المصدر / وكالة رويترز
GISAID
١٠ كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٠