الصين تستثمر بشكل مباشر في مشاريع الطاقة في أفريقيا للحصول على النفط والغاز
أستبدلت الصين القروض التي تعطيها للدول الأفريقية بإستثمارات في مشاريع الطاقة في محاولة لتعزيز نفوذها وتأمين إمدادات النفط والغاز المستقبلية، حيث أدى بطيء الإقتصاد المحلي إلى إنهاء عصر الديون التي تمنحها الحكومة الصينية في القارة، حسبما تظهر بيانات ستاندرد أند پورز العالمية للسلع S&P Global Commodity Insights.
لعقود من الزمن، أغدقت الحكومة الصينية على الدول الأفريقية القروض والمنح، ومولت مشاريع بناء البنية التحتية، مثل مشروع سكك حديد وقطار كينيا، مطار جوبا، ومبنى البرلمان في زيمبابوي، وقد حدد هذا الإنفاق دور الصين فيما أطلق عليه إسم – الإندفاع الجديد نحو أفريقيا.
مع تعثر الإقتصاد الصيني بسبب إرتفاع نسبة الديون ووباء فيروس كورونا، تضاءل هذا الكرم !

بدلا من ذلك، تولت شركات الطاقة الصينية الحكومية هذه المهمة، واليوم، تعد الشركات الصينية الحكومية الثلاثة الرئيسية
CNPC مؤسسة النفط الوطنية الصينية
CNOOC شركة سينوك
Sinopec شركة سينوبك
هذه الشركات ( مجتمعة ) تعتبر ( رابع أكبر مستثمر في الطاقة في القارة الأفريقية )، بعد
BP بريطانية
Shell متعددة الجنسيات
Eni إيطالية
وفقًا لبيان صادر عن مؤتمر أسبوع النفط الأفريقي African Oil Week .
قال هاري فيرهوفن Harry Verhoeven، الباحث البارز في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، لموقع S&P Global Commodity Insights:-
إنه إنعكاس تأريخي، تأريخيا، توفر الصين الكثير من الأموال لأفريقيا وتتاجر كثيرا مع أفريقيا، لكنها في الواقع كانت مترددة إلى حد ما لعدد من الأسباب في الإستثمار فعليا، أي الحصول على ملكية مباشرة
على عكس ما كان عليه الحال منذ عدة سنوات، فإن الصين تحتاج بالفعل إلى المال
وفقاً لبيانات البنك الدولي، أنخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الصين بشكل مطرد من ١٤.٢ ٪ في عام ٢٠٠٧ إلى ٣ ٪ فقط في عام ٢٠٢٢.
تُظهر البيانات الصادرة عن وكالة ستاندرد آند بورز العالمية:-
أن عدد الإستثمارات في مجال الطاقة، الصينية، في أفريقيا قد أرتفع بمقدار ٢٠ ضعفًا منذ الثمانينيات
في الوقت نفسه، أنخفضت القروض المقدمة للقارة منذ عام ٢٠١٦، وفقا لبحث أجراه مركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن Global Development Policy Center.
من بين عشرات الإستثمارات الصينية في أفريقيا:-
- مشروع كورال سول Coral Sul للغاز الطبيعي المسال LNG في موزمبيق والذي تبلغ طاقته ٣.٤ مليون طن سنويًا
- خط أنابيب شرق إفريقيا للنفط الخام East African Crude Oil Pipeline (EACOP) بطاقة ١٦٠,٠٠٠ برميل يوميًا
- مشروع وخط أنابيب أغاديم Agadem للنفط في النيجر، والذي سيزيد إنتاج النيجر من النفط من ٢٠,٠٠٠ برميل يوميًا إلى ١٦٠,٠٠٠ برميل يوميًا.
في معظم المشاريع، تمتلك شركات الطاقة الصينية حصصاً إلى جانب شركات النفط العالمية، ومع ذلك، فإن الإستثمارات في النيجر ( إنقلاب حصل فيها ) وموزمبيق التي تعاني من الإرهاب، تظهر رغبة الشركات الصينية في العمل في المناطق الصعبة.
أدت موجة قرارات الإستثمار للشركات الصينية الحكومية إلى زيادة إجمالي إحتياطيات الغاز للمشروعات الصينية في أفريقيا من ٣.٤٤ تريليون قدم مكعب في عام ٢٠٠٣، إلى ٢٢.٥٢ تريليون قدم مكعب لغاية ١٢ تشرين أول/ أكتوبر ٢٠٢٣.

( ١ ترليون قدم مكعب = ٢٨.٢ مليار متر مكعب )
إضافة إلى ذلك، ضخت الصين الأموال في مشاريع الطاقة المتجددة في أفريقيا، فضلاً عن المعادن المهمة – من الكوبالت cobalt إلى الليثيوم lithium – والتي من شأنها أن تدعم تحول الطاقة العالمي.
لقد تم التعامل مع أفريقيا منذ فترة طويلة على أنها ملعب للقوى الدولية، وقد أدت توقعات النمو الإقتصادي والسكاني في أفريقيا والنفوذ الدبلوماسي المتزايد إلى معركة لتأمين النفوذ في القارة شاركت فيها الصين، روسيا والولايات المتحدة والقوى الإستعمارية بريطانيا وفرنسا وحتى تركيا ودول الخليج.
في حين أرسلت روسيا مُرتزقة لدعم الأنظمة، أستخدمت الصين التجارة والمنح ، القروض والإستثمارات في الآونة الأخيرة.
قالت لي ( أليس ) بيان Lei Bian، زميلة السياسات في كلية لندن للإقتصاد London School of Economics:-
إن الصين هي أكبر شريك تجاري ورابع أكبر مستثمر أجنبي في أفريقيا، وبإستخدام مبادرة الحزام والطريق BRI، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جن بنغ، تعمل الصين على تعزيز تنسيق السياسات، وربط البنية التحتية، التكامل التجاري والمالي، والإتصال بين الشعوب، بما في ذلك في أفريقيا.
وفقا للخبراء، مبادرة الحزام والطريق الصينية BRI، هي جزء من جهد أوسع لتضخيم صوت الصين على المسرح العالمي من خلال تأمين دعم الجنوب العالمي، الذي يتفوق على الدول المتقدمة في حجم السكان والنمو والتنمية الإقتصادية.
قالت لي بيان
إن الصين تلعب دورا هاما في التعاون في هذه المنطقة منذ الخمسينيات من القرن الماضي
طالما أثار سخاء الحكومة الصينية في أفريقيا إتهامات بما يسمى ( فخ الديون ) وشراء الدعم للصين.

وفقا للباحثين في AidData، فإن المستفيدين الرئيسيين ( البلدان ) من الإستثمارات في مجال الطاقة، من قبل الشركات الصينية الحكومية، قد أعتادوا على الوقوف إلى جانب الصين في الأمم المتحدة.
- نيجيريا بنسبة ٧٦ ٪
- مصر ٧٥ ٪
- الجزائر ٧٩ ٪
في العام الماضي، رفض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إقتراحًا بقيادة الدول الغربية لمناقشة إنتهاكات الصين لحقوق الإنسان في التبت ( البوذيين ) ومنطقة شينجيانغ ذات الأغلبية المسلمة، حيث دعمت الصين الدول المنتجة النفط ( الكاميرون، كوت ديفوار/ ساحل العاج، الغابون، ناميبيا، موريتانيا، السنغال والسودان )
مع ذلك، وبعيدًا عن السياسة، فإن إستثمارات النفط والغاز الصينية تتعلق بتأمين إمدادات الطاقة المستقبلية، وفقًا للمحللين.
تشتري الصين، مجموعة واسعة من النفوط الإفريقية، التي تحتوي على الكبريت، والتي لا تحتوي على الكبريت، لكن مصافي الصين، تفضل الخامات الثقيلة التي لاتحتوي على الكبريت قليلاً، مثل Djeno في جمهورية الكونغو وغيراسول Girassol في أنغولا، وفقًا لبيانات من ستاندرد أند پورز العالمية للسلع S&P Global Commodities at Sea.

أستوردت الصين ١.١ مليون برميل يوميا من النفط الخام من غرب أفريقيا في الربع الثاني من عام ٢٠٢٣، أي حوالي عُشر إجمالي واردات الخام الصينية، وفقا لبيانات CAS.
قال هاري فيرهوفن Harry Verhoeven، الباحث البارز في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، لموقع S&P Global Commodity Insights :-
في النظرة الصينية للطاقة العالمية، إنها إستراتيجية كل شيء، لذا نعم، فهم يستثمرون كثيرًا في الطاقة الشمسية، ويضاعفون إهتمامهم بالمركبات الكهربائية، لكنهم ما زالوا يبنون الكثير من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وما زالوا يحاولون تأمين النفط والغاز… بالضبط لأنهم لا يريدون الإعتماد على صناعة واحدة، أو تقنية واحدة، أو سوق واحدة في هذا الشأن
لم يتمكن المنتجون في الدول الأفريقية من زيادة الإنتاج لمواكبة الطلب الصيني المتزايد على النفط في السنوات الأخيرة، حيث تسبب نقص الإستثمار والمشكلات الفنية في الحقول القديمة في إنخفاض الإنتاج في الدول المنتجة الحالية، بما في ذلك أعضاء منظمة أوبك ( نيجيريا وأنغولا وجمهورية الكونغو ).

من ناحية أخرى، عززت الصين ــ التي تستورد ١٠ ملايين برميل يوميا من النفط الخام ــ وارداتها من النفط الروسي الرخيص منذ حرب أوكرانيا، في البداية على حساب الدول النفطية في غرب أفريقيا.
مع ذلك، فإن إرتفاع الإستثمارات الصينية في القارة يمكن أن يغير التوقعات بالنسبة للمنتجين الأفارقة الذين يسعون إلى الإستثمار في أعقاب موجة من عمليات سحب إستثمارات شركات النفط العالمية من المناطق الجديدة لصالح البلدان الحدودية مثل ناميبيا وغويانا.
تظهر بيانات ستاندرد آند بورز العالمية S&P Global، أن أفريقيا تحتاج إلى عمليات حفر جديدة كبيرة للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية.
في الوقت نفسه، أصبحت شركات الطاقة والبنوك الغربية متحفظة بشأن تمويل مشاريع الطاقة في أفريقيا، بما في ذلك خط أنابيب EACOP في أوغندا، مما يترك المجال للمقرضين الصينيين لملء الفراغ.
بالنسبة للصين أقل إهتماما لموضوع إنتهاكات حقوق الإنسان وسوء الإدارة في المنتجين الأفارقة الناشئين، الأمر الذي يظل رادعًا للعديد من الرؤساء التنفيذيين لشركات النفط الغربية.
قال هاري فيرهوفن Harry Verhoeven، الباحث البارز في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، لموقع S&P Global Commodity Insights :-
إن الصين أرسلت إشارات من خلال هذا الإستثمار إلى شركاء آخرين مفادها أنه بغض النظر عن نوع ضجيج العلاقات العامة أو العقوبات، فإننا سنكون هناك، وسنكون متسقين






