
أكتشف تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأمريكية – ناسا، ضوء لنجم على بعد ١٢.٩ مليار سنة ضوئية، في الإيام الأولى للإنفجار العظيم.
هذا الإكتشاف يعتبر رقما قياسي كبير عن السابق، والذي أكتشفه تلسكوب هابل في عام ٢٠١٨، عندما كشف نجماً يقع على بعد حوالي ٤ مليار سنة ضوئية، أو ٣٠ ٪ من عمر الكون الحالي.
يشير إليه علماء الفلك بإسم ( الأزاحة الحمراء ١.٥ Redshift 1.5 )، ويستخدم علماء الفلك هذا المصطلح، لأنه مع تمدد الكون، يتمدد الضوء القادم من الأجسام البعيدة أو ” يتمدد ” إلى أطوال موجية أطول وأكثر إحمرارًا أثناء سفره نحونا.
النجم الذي تم إكتشافه حديثًا بعيد جدًا، لدرجة أن ضوءه أستغرق ١٢.٩ مليار سنة للوصول إلى الأرض، وهذا النجم ظهر لنا عندما كان الكون ٧ ٪ فقط من عمره الحالي، أو بمقدار ( الإزاحة الحمراء ٦.٢ ).
أصغر الأجسام التي شوهدت سابقًا على هذه المسافة الكبيرة هي ( مجموعات من النجوم Clusters )، داخل المجرات الأولى.
قال عالم الفلك بريان ويلش Brian Welch من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية، التي تصف هذا الإكتشاف والذي نُشر في مجلة Nature بتاريخ ٣٠ أذار / مارس ٢٠٢٢:-

30
March – 2022
” لم نصدق الأمر في البداية، لقد كان أبعد بكثير من النجم السابق، الأبعد والأكثر إزاحة حمراء “
الإكتشاف عبر البيانات التي تم جمعها ضمن برنامج – RELICS (Reionization Lensing Cluster Survey) التابع لتلسكوب هابل، بقيادة المؤلف المشارك للورقة البحثية – دان كو Dan Coe، في معهد علوم تلسكوب الفضاء (STScI)
قال عالم الفلك بريان ويلش، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية:-
” عادةً عند هذه المسافات، تبدو المجرات بأكملها وكأنها بقع صغيرة، مع إندماج ضوء ملايين النجوم معًا، والمجرة التي يقع فيها هذا النجم، تم تضخيمها وتشوهت بواسطة عدسات الجاذبية على شكل هلال طويل، أطلقنا عليه اسم قوس الشروق Sunrise Arc “
بعد دراسة المجرة بالتفصيل، قرر بريان ويلش المؤلف الرئيس للورقة البحثية، أن إحدى السمات الواضحة في المجرة، هي نجم مُكبّر للغاية أطلق عليه اسم – إيرنديل Earendel، وهو ما يعني ” نجمة الصباح ” باللغة الإنگليزية القديمة.
وهذا الإكتشاف سوف يبشر بفتح حُقبة مجهولة من التكوين المبكر للنجوم.
أوضح براين ويلش، المؤلف الرئيسي للدراسة:-
” كان النجم – إيرنديل موجودًا منذ زمن بعيد، لدرجة أنه ربما لم يكن يحتوي على نفس المواد الخام مثل النجوم من حولنا اليوم، وستكون دراسة هذا النجم Earendel نافذة على حقبة من الكون لم نعتد عليها، ولكن هذا أدى إلى كل ما نعرفه اليوم “
” يبدو الأمر كما لو كنا نقرأ كتابًا مثيرًا للإهتمام، لكننا بدأنا بالفصل الثاني، والآن لدينا فرصة لنرى كيف بدأ كل شيء “
يُقدر فريق البحث، أن كتلة النجم Earendel تبلغ على الأقل ٥٠ ضعف كتلة شمسنا، وملايين المرات أكثر سطوعًا، مما ينافس أضخم النجوم المعروفة.
لكن حتى مثل هذا النجم اللامع ذو الكتلة العالية جدًا سيكون من المستحيل رؤيته على مثل هذه المسافة الكبيرة بدون مساعدة التكبير الطبيعي بواسطة مجموعة مجرات ضخمة، مثل مجرة WHL0137-08 ، والموجودة بيننا وبين النجم إيريندل.
كتلة تجمع المجرات تلف نسيج الفضاء، مما يخلق عدسة مكبرة طبيعية قوية ( تشوه وتضخم بنفس الوقت )، بشكل كبير الضوء القادم من الأجسام البعيدة خلفها.
بفضل المحاذاة النادرة مع مجموعة المجرات المُكبرة، يظهر النجم Earendel مباشرة على تموج في نسيج الفضاء أو قريب جدًا منه.
هذا التموج، الذي يُعرَّف في البصريات على أنه ” الضوء المُركز Caustic ” ، يوفر أقصى قدر من التكبير والسطوع.
التأثير Caustic، مماثل للسطح المموج لحمام السباحة، مما يخلق أنماطًا من الضوء الساطع في قاع المسبح عند سقوط الشمس على سطح الماء.

تعمل التموجات على السطح كعدسات وتركز ضوء الشمس على أقصى سطوع على أرضية حمام السباحة.
تتسبب هذه الحالة Caustic، في ظهور النجم إيرنديل بشكل التوهج العام لمجرته الأصلية.
تم تضخيم سطوعه ألف مرة أو أكثر.
في هذه المرحلة، لا يستطيع علماء الفلك تحديد ما إذا كان النجم إيرنديل نجمًا ثنائيًا ( مكون من إثنين )، على الرغم من أن معظم النجوم الضخمة لها على الأقل نجم مصاحب واحد أصغر.

30
March – 2022
يتوقع علماء الفلك، أن يظل النجم Earendel براقاً للغاية لسنوات قادمة، بسبب تأثير Caustic، الذي تم شرحه.
سيتم رصد هذا النجم ( أو الثنائي ) بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة ناسا، والذي تم إطلاقه حديثا، ومن المؤمل أن يعمل في شهر حزيران / يونيو ٢٠٢٢.

من أجل كشف تفاصيل هذا النجم، هنالك حاجة إلى حساسية تلسكوب جيمس ويب Webb العالية، للأشعة تحت الحمراء ( Infrared )، لمعرفة المزيد عن هذا النجم Earendel، لأن ضوءه يمتد إلى أطوال موجات الأشعة تحت الحمراء الأطول بسبب توسع الكون.
قال المؤلف المشارك للورقة البحثية التي نشرها في موقع Nature العلمي، اليوم ٣٠ أذار / مارس ٢٠٢٢، دان كو:-
” بوجود تلسكوب جيمس ويب Webb ، نتوقع تأكيد أن النجم Earendel هو بالفعل ( نجم Star )، بالإضافة إلى قياس سطوعه ودرجة حرارته “
سيتم الحصول على هذه التفاصيل بعد ملاحظات تلسكوب جيمس ويب المرتقبة.
قال المؤلف المشارك للورقة البحثية دان كو :-
” نتوقع كذلك أن نجد أن مجرة – هذا النجم – قوس الشروق Sunrise Arc تفتقر إلى العناصر الثقيلة التي تتشكل في الأجيال اللاحقة من النجوم، وهذا من شأنه أن يشير إلى أن النجم Earendel هو عبارة عن نجم نادر ضخم لايحتوي على المعادن أو يحتوي – بشكل قليل، على المعادن “.

سيكون تكوين النجم إيرنديل ذا أهمية كبيرة لعلماء الفلك، لأنه تشكل قبل أن يمتلئ الكون بالعناصر الثقيلة التي أنتجتها الأجيال المتعاقبة من النجوم الضخمة.
إذا وجدت دراسات لاحقة، أن النجم إيرنديل يتكون فقط من الهيدروجين والهيليوم، فسيكون ذلك أول دليل على النجوم – للمرحلة الثالثة من التشكيل Population III stars، والتي يُفترض أنها النجوم الأولى التي ولدت بعد الإنفجار العظيم.
في حين أن الإحتمال ضئيل، إلا أن المؤلف الرئيسي للورقة البحثية بريان ولش يعترف بأنه مهم للجميع.
وقال:-
” بوجود تلسكوب جيمس ويب Webb ، قد نرى نجومًا أبعد من النجم الحالي Earendel، الأمر الذي سيكون مثيرًا بشكل لا يصدق، وسنعود إلى بداية الكون، بقدر ما نستطيع، وأود أن أرى تلسكوب جيمس ويب يحطم الرقم القياسي فيما يخص النجم إيرندل “.
البحث تحت عنوان : A highly magnified star at redshift 6.2






