معلومات عامة

كيف يُمكن أن يُساهم الذكاء الإصطناعي في بناء ديمقراطية أفضل!

هناك مخاوف عالمية خطيرة بشأن إساءة إستخدام المحتوى الاصطناعي المولد بواسطة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، و تتراوح من الضرر النفسي إلى الضرر المالي و السياسي، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُضخم إساءة إستخدام مثل هذا المُحتوى ويخلق شكوكًا حول صحة ما نراه ونسمعه، ويمكن توجيه الذكاء الاصطناعي الإبداعي نحو الإستخدام الاستبدادي، ولن يكون دائمًا إستخدامًا ديمقراطيًا.

فيما يلي بعض المجالات التي يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في الديمقراطية.

تعزيز المُشاركة المدنية

تثقيف الناخبين: ​​يُمكن للذكاء الإصطناعي توفير معلومات شخصية حول الإنتخابات، المُرشحين والقضايا، مما يساعد الناخبين على إتخاذ قرارات أكثر عُمقاً، وقد يؤدي هذا إلى زيادة نسبة المُشاركة في التصويت وزيادة مُشاركة المواطنين.

إمكانية الوصول: يُمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي ترجمة المعلومات السياسية إلى لغات أو تنسيقات مُتعددة (مثل لغة الإشارة أو الصوت للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية)، مما يجعل العمليات السياسية أكثر سهولة في الوصول إليها من قبل السكان المتنوعين.

الشفافية والمساءلة

مراقبة الانتخابات: يُمكن للذكاء الإصطناعي تحليل وسائل الإعلام والأخبار بحثًا عن التحيزات أو المعلومات المُضللة أو التضليل، وبالتالي تعزيز عملية إنتخابية أكثر شفافية، و كما يمكن أن يساعد في مراقبة قمع الناخبين أو الإحتيال الإنتخابي.

شفافية الحكومة: يُمكن إستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الحكومة، مما يسهل على المواطنين فهم أين يتم تخصيص الأموال، وكيف يتم إتخاذ القرارات، وما هي السياسات المعمول بها، وبالتالي تعزيز المساءلة.


تحليل الرأي العام

الملاحظات المباشرة: يُمكن للذكاء الاصطناعي تحليل المشاعر العامة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والاستطلاعات والمنتديات العامة، مما يوفر لصناع السياسات ملاحظات في الوقت الحقيقي حول الرأي العام، ويمكن أن يؤدي هذا إلى حوكمة أكثر إستجابة وتمثيلاً.

التحليل التنبئي: من خلال فهم الاتجاهات والأنماط، يمكن للذكاء الاصطناعي مُساعدة الحكومات على توقع الاحتياجات العامة وتعديل السياسات وفقًا لذلك، مما قد يجعل الديمقراطية أكثر إستباقية وإستجابة.

خدمات حكومية فعالة

أتمتة الخدمات: يمكن أتمتة المهام الحكومية الروتينية، مما يسمح لموظفي الخدمة العامة بالتركيز على قضايا أكثر تعقيدًا تتطلب حُكمًا بشريًا، مما قد يؤدي إلى تسريع العمليات مثل إصدار التصاريح أو الإقرارات الضريبية أو توزيع المزايا.

تحسين عملية اتخاذ القرار: يُمكن للذكاء الاصطناعي المُساعدة في إتخاذ القرار القائم على البيانات، والحد من تأثير التحيز أو الفساد من خلال توفير تحليل موضوعي للبيانات.

الديمقراطية التداولية

تسهيل المداولة العامة: يمكن للذكاء الاصطناعي دعم المنصات حيث يمكن للمواطنين مناقشة القضايا العامة ومناقشتها واقتراح حلول لها، مما يؤدي إلى شكل من أشكال الديمقراطية المباشرة حيث يتم سماع المزيد من الأصوات.


محاكاة نتائج السياسات: يُمكن للذكاء الاصطناعي مُحاكاة نتائج سياسات مُختلفة بناءً على البيانات الحالية، مما يساعد في توقع تأثيرات القوانين أو التغييرات المُقترحة، مما قد يؤدي إلى مُناقشة عامة أكثر اطلاعًا.

مكافحة التضليل

روبوتات التحقق من الحقائق: يُمكن نشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمُكافحة المعلومات المُضلِلة من خلال توفير التحقق من الحقائق في الوقت الفعلي، وهو أمر بالغ الأهمية أثناء الإنتخابات أو الإستفتاءات لضمان وجود ناخبين مُطلعين جيدًا.

الأمن والخصوصية

حماية بيانات الناخبين: ​​يُمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز تدابير الأمن الإلكتروني لحماية قواعد بيانات الناخبين وأنظمة الانتخابات من الاختراق أو العبث، وضمان سلامة العمليات الديمقراطية.

مع ذلك، بالنظر للمجالات المذكورة، يعتمد نجاحها وفعاليتها على:

الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: يجب إستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي مع إرشادات صارمة لمنع سوء الاستخدام، مثل تحديد هوية الناخبين أو التلاعب بالرأي العام.

مخاوف الخصوصية: يجب أن تكون هناك حماية قوية للخصوصية الفردية لمنع الذكاء الاصطناعي من أن يصبح أداة للمراقبة.


التخفيف من التحيز: يجب تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي للحد من التحيز لضمان عدم حرمان أي مجموعة من حقوقها عن غير قصد.

من خلال معالجة هذه المخاوف، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعمل بالفعل كذكاء مُساعد يدعم ويعزز العمليات الديمقراطية، مما يؤدي إلى شكل أكثر مُشاركة وشفافية وفعالية للحكم.

رغم المفاهيم والمجالات الجميلة للذكاء الاصطناعي التي تساهم في ديمقراطية أكثر صحية و وعياً، ولكن مفهوم تعزيز الذكاء الاصطناعي للديمقراطية ينطوي على مخاطر كبيرة، مما قد يؤدي إلى أوضاع مثل “الديمقراطية التي تسيطر عليها الروبوتات” أو “التلاعب بالمعلومات“.

وفيما يلي كيفية تجسيد هذه المخاطر وكيف يمكن التخفيف منها:

مخاطر الذكاء الاصطناعي في الديمقراطية

الديمقراطية التي تسيطر عليها الروبوتات

إذا لم تكن أنظمة الذكاء الاصطناعي شفافة أو إذا أكتسبت قدرًا كبيرًا من السيطرة على نشر المعلومات، فهناك خطر يتمثل في إمكانية التأثير على القرارات أو حتى إتخاذها من قبل أنظمة آلية بدلاً من الحكم البشري.

وقد يؤدي هذا إلى وضع يكون فيه الذكاء الاصطناعي هو من يتحكم بالمعلومات بشكل كامل، وليس المسؤولين المُنتخبين أو عامة الناس، السياسة أو الرأي العام.

و يمكن التخلص (التخفيف) من هذا الخطر من خلال ضمان شفافية أنظمة الذكاء الاصطناعي وقابليتها للتفسير وخاضعة للرقابة البشرية، و يجب أن تكون القرارات قابلة للمراجعة دائمًا من قبل السلطات البشرية للحفاظ على السيطرة الديمقراطية.

التلاعب من خلال المعلومات المضللة

يمكن إستخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد أو تضخيم المعلومات المُضلِلة أو إستهداف فئات سكانية محددة بدعاية مُخصصة، مما قد يؤثر على الانتخابات أو السلوك العام بطرق غير طبيعية.


ويمكن التخلص (التخفيف ) من هذا الضرر، أو الحالة، من خلال:

التنظيم: من خلال وضع قواعد صارمة على إستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات السياسية أو نشر المعلومات.

الذكاء الاصطناعي من أجل الخير: إستخدام الذكاء الاصطناعي لكشف المعلومات المُضلِلة من خلال برامج التحقق من الحقائق أو الخوارزميات المُصممة للكشف عن التزييف و السرديات الكاذبة ومواجهتها.

مجاراة المجتمع

قد تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تعزيز التحيزات الموجودة من خلال عرض محتوى على الأشخاص يتماشى مع آرائهم، وبالتالي إستقطاب المُجتمع بشكل أكبر.

ويمكن من خلال تطوير خوارزميات تعزز تنوع الفكر، وتعريض المُستخدمين لمجموعة أوسع من المعلومات، وتشجيع الحوار البناء، للتخفيف من ذلك.

إنتهاك الخصوصية

قد يؤدي جمع البيانات اللازم لعمل الذكاء الاصطناعي إلى إنتهاكات للخصوصية، حيث تُستخدم البيانات الشخصية للتلاعب بسلوك الناخبين.

و يمكن أن تساعد قوانين حماية البيانات القوية والشفافية في كيفية استخدام البيانات ومنح الأفراد السيطرة على بياناتهم في منع إساءة الاستخدام.


فقدان الثقة

إذا أصبح الجمهور على دراية بالتلاعب بالذكاء الاصطناعي، فقد يؤدي هذا إلى إنتشار السخرية من العمليات الديمقراطية، مما يقلل من مُشاركة الناخبين أو الإيمان بالنظام الديمقراطي.

ويمكن من خلال بناء الثقة و الشفافية والمساءلة والتثقيف حول كيفية إستخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات الديمقراطية، التخفيف من هذه السخرية، وبناء الثقة بشكل أكبر.

نحو استخدام متوازن للذكاء الاصطناعي في الديمقراطية

التعليم: يُمكن لتثقيف الناس حول دور الذكاء الاصطناعي وفوائده ومخاطره أن يُمكّن الناس من إتخاذ قرارات أكثر ثقة والمطالبة بالإستخدام الأخلاقي للتقنية.

صنع السياسات الشاملة: إشراك أصحاب المصلحة المتنوعين، بما في ذلك خبراء التقنية، علماء السياسة والمواطنين في تشكيل كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات الديمقراطية.

الرقابة المستمرة: إنشاء هيئات أو لجان مُستقلة للإشراف على إستخدام الذكاء الاصطناعي في الحكومة والعمليات الانتخابية، وضمان التزامها بالمبادئ الديمقراطية.

التصميم المرتكز على الإنسان: ضمان تصميم حلول الذكاء الاصطناعي لتعزيز عملية صنع القرار البشري، وليس إستبدالها، مع الحفاظ على العنصر البشري في صميم الحُكم.

ومن خلال معالجة هذه التحديات بشكل إستباقي، يمكن توجيه إستخدام الذكاء الاصطناعي في الديمقراطية نحو تعزيز القيم الديمقراطية بدلاً من تقويضها، وضمان أن تعمل التقنية كأداة للحكم الأفضل، وليس التلاعب به.

ولفهم مدى فائدة الذكاء الاصطناعي للإنسان، تذكر بأن ما قرأته في أعلاه، تم بواسطة الذكاء الاصطناعي، من خلال بدء المناقشة حول دوره في المساعدة في بناء ديمقراطية أفضل!

للإستماع للمقال

أقرأ المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

عذراً، لايمكن نسخ المحتويات