سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه إيران، تثير ردود فعل سلبية

أنتقد الجمهوريون هذا الأسبوع سعي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المتعمد لإحياء الإتفاق النووي مع إيران وما يرتبط به من تراخي في تطبيق العقوبات النفطية، في حين حذر الديمقراطيون من أن البديل للدبلوماسية والمفاوضات مع إيران سيكون صراعًا آخر في الشرق الأوسط وإحتمالات دخول الولايات المتحدة في صراعات لانهاية لها

كانت جلسة ١٣ أيلول / سبتمبر ٢٠٢٣، في مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريين، أمام لجنة المراقبة في مجلس النواب، سادها نقاش ساخن مليء بتوجيه أصابع الإتهام واللوم للديموقراطيين.

الجلسة التي تلتها، في اليوم اللاحق، سادت أجواء من الهدوء والتعقل في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، والتي شددت على الحاجة إلى التعاون بين الحزبين ( الجمهوري والديموقراطي ) لإحباط التهديدات التي يشكلها النظام الإيراني للولايات المتحدة في الداخل والخارج.

مع ذلك، أظهرت كلتا الجلستين القلق بشأن سياسة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه إيران من قبل المشرعين من كلا الحزبين، حيث قامت إيران بتخزين ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع عدة أسلحة نووية

( يمكن الإطلاع على تحليل معهد العلوم والأمن الدولي، حول التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، هنا )

الجمهوريون ينتقدون إفتقار إدارة جو بايدن إلى الشفافية في تعاملاته مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي ومفاوضات الرهائن وحتى إقالة كبير المفاوضين الإيرانيين روب مالي ( ** بدعوى سوء تصرف بأوراق سرية وتجاوز صلاحياته ).

خلال جلسة إستماع في مجلس النواب الأمريكي، الذي يسيطر عليه الجمهوريين، أستغلوا الجلسة لبيان وجود إتفاق نووي ( سري ) قائم مع إيران، يتضمن رفع العقوبات النفطية، حيث تستند هذه الصفقة إلى قيام الولايات المتحدة بإطلاق الأموال الإيرانية المجمدة في حسابات مختلفة حول العالم ( تصل لـ ٤٠ مليار دولار )، والسماح للنفط الإيراني بالتدفق إلى الصين بمستويات قياسية مقابل ( تعهد إيران ) بعدم تجاوز عتبة تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، وفقًا لريتشارد غولدبرغ Richard Goldberg، كبير المستشارين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD.

بلغ إنتاج النفط الخام الإيراني ٢.٩٥ مليون برميل يوميا في أب / أغسطس ٢٠٢٣، بزيادة قدرها ١٩٠,٠٠ برميل يوميا عن الشهر السابق، وفقا لأحدث إستطلاع بلاتس أوبك + الذي أجرته S&P Global Commodity Insights.

قالت شركة النفط الوطنية الإيرانية، إن الإنتاج النفطي سيرتفع إلى ٣.٥ مليون برميل يومياً في أيلول / سبتمبر ٢٠٢٣.

( سجلت أسعار النفط إرتفاعا كبيرا، وصلت لـ ٩٤ دولار / برميل، خام برنت، خلال الفترة الأخيرة، بسبب تخفيض كل من السعودية وروسيا كميات كبيرة من النفط لنهاية ٢٠٢٣، وربما لنهاية ٢٠٢٤ )

المصدر : oilprice.com

أعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب مايكل ماكول Michael McCaul، وهو من الحزب الجمهوري، عن قلقه في جلسة إستماع في مجلس النواب الأمريكي يوم ١٤ أيلول / سبتمبر ٢٠٢٢٣، من أن الإدارة الحالية، ربما توسطت في تفاهم نووي غير رسمي مع إيران، دون إخطار الكونغرس في إنتهاك لقانون مراجعة الإتفاق النووي الإيراني، والذي صادق عليه الكونغرس في فترة رئاسة باراك أوباما، صاحب الأتفاق النووي مع إيران.

المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، قال للصحفيين في مؤتمر صحفي يوم ١٣ أيلول/سبتمبر:-

إن الولايات المتحدة لم ترفع أيًا من العقوبات المفروضة على إيران، ولن تحصل إيران على أي تخفيف للعقوبات

أعترفت النائبة الديمقراطية عن كاليفورنيا، كاتي بورتر Katie Porter، خلال جلسة الإستماع يوم ١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٣:-

لا يُعرف سوى القليل عما تشمله فعليًا سياسة إدارة جو بايدن تجاه إيران، ودعت إلى مزيد من الشفافية.

قالت سوزان مالوني Suzanne Maloney، نائبة الرئيس ومديرة السياسة الخارجية في معهد بروكينجز Brookings Institution، خلال جلسة الإستماع في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، يوم ١٤ أيلول / سبتمبر ٢٠٢٣:-

إن السرية جانب رئيسي من جوانب الدبلوماسية، ولكن في حين أن القنوات السرية يمكن أن تسهل حل المشكلات المحدودة، إلا أنها لا تستطيع توفير منصة قابلة للتطبيق لإدارة التحديات العميقة التي تفرضها سياسات إيران المزعزعة للإستقرار

لقد وعد الرئيس جو بايدن بأن إيران لن تحصل على سلاح نووي وهو موجود كرئيس، والوفاء بهذا التعهد سيتطلب إطارًا سياسيًا موثوقًا يمكنه الصمود أمام التدقيق العام والكونغرس

ودعت إلى الدبلوماسية المباشرة مع إيران ودفع من أجل وضع النظام الإيراني في مرتبة أعلى على خارطة السياسة الخارجية الأمريكية، على قدم المساواة مع الصين.

علاوة على ذلك، قالت:-

أعتقد أن هنالك الكثير الذي يمكن لهذه الهيئة القيام به فيما يتعلق بالمناقشات والمحادثات مع صناع السياسات من جميع أنحاء الشرق الأوسط، الذين يسعون في كثير من الحالات إلى إيجاد طرق للتخفيف من التهديد الذي تشكله إيران

أن قوة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تحتاج إلى تكرارها مع شركاء آخرين في الخليج، الذين يتعاملون بوجهين.

من الضروي للغاية الإيضاح بشكل تام للسعوديين ودول الخليج العربية الأخرى أن تعاونهم، وتطبيقهم للعقوبات الأمريكية، وتأكيدهم على أنهم لا يحفزوا إيران بطريقة أو بأخرى على الإعتقاد بأنها قادرة على النجاة من هذا التحدي الحالي

قال نورمان رول Norman Roule، مدير الإستخبارات الوطنية السابق الخاص بموضوع إيران، للمشرعين خلال جلسة الإستماع في مجلس النواب الأمريكي، أمام لجنة العلاقات الخارجية في المجلس يوم ١٤ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٣:-

إن لدى إيران سببًا لتزاد ثقة بنفسها !

أن غزو روسيا لأوكرانيا أدى إلى كسر وحدة القوى العظمى وعزز عدم رغبة الغرب في المخاطرة بأزمة دولية أخرى، ووجدت جهود الصين لتقويض النظام الدولي شريكاً متحمساً في إيران، فقط الخطابات والعقوبات البسيطة سادت على إهتمامات المجتمع الدولي، ردا على التوسع المثير للقلق في البرنامج النووي الإيراني وعرقلة عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

( ** كذلك صرح مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن المجتمع الدولي فقد الإهتمام بمعاقبة إيران حول برنامجها النووي )

وأضاف نورمان رول:-

أن جعل إيران تغيير من سلوكها يتطلب إجراءات ردع صادقة وضغوطا متعددة الأطراف متسقة وسياسة تعتقد إيران بموجبها أن خياراتها للهروب من الضغوط غير موجودة، بما في ذلك التهديد بإستخدام القوة العسكرية الأمريكية.

وأكد نورمان رول:-

أن الوضع السياسي الأقليمي الحالي ( ** يقصد روسيا والصين ) يجعل فرض ضغط متعدد الأطراف ( ** كما حصل في ٢٠١٢ ضد إيران، حيث شاركت روسيا والصين العقوبات الدولية على إيران ) غير مُحتمل، مما يضع العبء على الولايات المتحدة لوحدها لفرض عقوبات أحادية ودعوة أوروبا وغيرها إلى الوقوف إلى جانبها.

وأضاف :-

إذا كانت إيران تعتقد أن العقوبات ليست كبيرة أو غير جدية – ولا يبدو أن العقوبات المفروضة على صناعة النفط الإيرانية يتم تطبيقها بالقوة التي ينبغي أن تكون عليها – فإن هذه الأجراءات تشير للإيرانيين إنهم لم يصلوا بعد إلى خطوط الولايات المتحدة الحمراء

لقد قدمت ( نورمان رول ) قائمة بعدد من الأشياء التي فعلتها إيران ولم يستفز أي من هذه الأشياء عملاً عسكريًا من قبل الولايات المتحدة أو فرض عقوبات صارمة.

إذا كنت أنا مسؤول إيراني، فإجابته هي على الأرجح بالقول – أراهن أنني أستطيع الذهاب إلى تحدي ذلك قليلاً !

كان الموضوع الأهم في كلتا الجلستين هو رفع التجميد عن ٦ مليار دولار من عائدات النفط الإيرانية كجزء من صفقة تم التفاوض عليها لتأمين عودة خمسة مواطنين أمريكيين محتجزين ظلماً.

حيث تم تحويل الأموال المحتفظ بها في حسابات في كوريا الجنوبية إلى حسابات في أوروبا ( سويسرا ) ثم في نهاية المطاف إلى حسابات في قطر، حيث ستكون متاحة للأغراض الإنسانية تحت إشراف صارم من وزارة الخزانة.

قال نورمان رول:-

إن تأكيدات المسؤولين الأمريكيين، بأن المعاملات في قطر ( التي تجريها إيران ) سيتم تدقيقها بعناية وإيقاف ( التعاملات وإعادة تجميد الأموال الإيرانية ) إذا تم إستخدامها في قضايا غير إنسانية.

ولكن قال نورمان رول:-

أن هذا المبلغ من المال سيحرر على الأرجح مبلغا مماثلا من المال داخل إيران، يمكن إستخدامه لدعم النظام ودعم الأنشطة الخبيثة !

( ** يقصد إيران تستخدم الأموال في قطر لشراء المواد الإنسانية، ولكن المبالغ المخصصة في داخل إيران، والتي توفرها الحكومة لشراء نفس المواد، يتم تحويلها لأماكن أخرى )

في حين أنتقد الجمهوريون الإفراج عن الأموال بإعتباره دفع فدية وحافزا لإيران لمواصلة إحتجاز الرهائن، قال النائب دين فيليبس Dean Phillips، وهو ديمقراطي، العضو البارز في اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى :-

رغم أننا لم نصل بعد إلى مانريد، إلا أنني آمل أن يؤدي هذا الجهد الدبلوماسي المتواضع إلى مزيد من التفاهم والأهم من ذلك تقليل المشاكل في المنطقة، وأتوقع أن تكون هذه خطوة صغيرة، للحد من هذا السلوك وتوفير حافز لتعديل السلوك ( الإيراني ) للمضي قدمًا

قال مراقبون في الولايات المتحدة، في وقت سابق من هذا العام:-

إن تبادل السجناء الناجح يمكن أن يرسي حسن النية اللازم للتوصل إلى إتفاق ( شيء مقابل شيء )، من خلاله تلتزم إيران بوقف تخصيب اليورانيوم عند حدود الـ ٦٠ ٪، وتقوم الولايات المتحدة بدورها بإلغاء تجميد بعض الأصول الإيرانية وربما تخفيف العقوبات النفطية.

إن إعادة فرض الضوابط النووية على إيران من خلال المحادثات المتعثرة الآن لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أو الإتفاق النووي، كان من الممكن أن ترفع العقوبات النفطية وتعيد ما يصل إلى مليون برميل يومياً إلى السوق العالمية التي تعاني قلة المعروض.

SP Global
15.9.2023